فهد الجبوري ||
فتوى الجهاد الكفائي أنقذت العراق من هجمة ارهابية شرسة، ووحدت البلاد في ملحمة تاريخية قل نظيرها
نستذكر هذه الايام بالفخر والاعتزاز ذكرى صدور فتوى الجهاد الكفائي من قبل سماحة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني ( دامت بركاته ) . في الثالث عشر من شهر حزيران عام ٢٠١٤، وذلك على خلفية الهجمة الإرهابية الشرسة التي قام بها ما يسمى " تنظيم الدولة الإسلامية " هذه المجموعة الإرهابية المدعومة من قبل قوى الاستكبار والصهاينة، والتي سيطرت على مناطق واسعة من البلاد، وقامت بارتكاب مجازر دموية بحق السكان المدنيين في المدن والقرى التي اصبحت خاضعة لسيطرتها، وفرضت عليهم أحكاما جائرة بعيدة كل البعد عن تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف .
وإزاء هذا الوضع الخطير والذي كان ينذر بوقوع أحداث مأساوية حيث كانت العاصمة بغداد ومدن اخرى مهددة بالسقوط، تصدت المرجعية الدينية العليا وقامت بأداء واجبها الشرعي من خلال فتواها الخالدة، والتي لاقت الاستجابة الشعبية المنقطعة النظير، وهبت جموع الشعب من مختلف الفئات العمرية للدفاع عن البلاد، وحسب بعض التقارير الموثوقة فقد وصل عدد المتطوعين في المراحل الأولى من صدور الفتوى الى حوالي ٣ ملايين متطوع .
ولقد كان الهدف الأساسي للفتوى هو حفظ العراق، وشعبه، ومقدساته، وقد كانت واضحة جدا في مقاصدها بحيث قطعت الطريق أمام اية محاولة للتشكيك، أو التشويه حيث جاء في نصها ما يلي " إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي . ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس "
وقد أصبح الاحتفال بالذكرى السنوية لصدور الفتوى مناسبة وطنية بعد ما صوت مجلس النواب العراقي بالإجماع على صيغة قرار باعتبار يوم الثالث عشر من حزيران من كل عام مناسبة وطنية يحتفل بها شعبنا تخليدا لهذه الفتوى العظيمة، وتكريما للشهداء الذين سطروا بدمائهم الزكية ملاحم الجهاد والمقاومة والشهادة في سبيل الدين والوطن والمقدسات .
وبفضل حكمة المرجعية، وحسن تدبيرها، وإخلاصها، وحرصها الشديد على أمن واستقرار الشعب، تمكن العراقيون من تحقيق نصر عظيم على عصابة داعش الإرهابية، وطردها من كافة المدن والأراضي التي وقعت تحت سيطرتها، وكانت بحق ملحمة جهاد ومقاومة ونصر قل مثيلها في العالم، وهي تذكرنا بملحمة ثورة العشرين التي قاوم بها الشعب العراقي بكل شجاعة الاحتلال العسكري البريطاني، وكان ذلك ايضا استجابة لفتوى الجهاد التي صدرت عن المرجعية الدينية العليا في ذلك الزمان .
ولم يقتصر تاثير الفتوى على تحقيق النصر العسكري الحاسم، وإنما كان لها الأثر البالغ في توحيد صفوف الشعب العراقي بكافة طوائفه ومكوناته حتى امتزج دم الشيعي مع دم اخوانه من السنة والمسيحيين والايزديين والصابئة وغيرهم، في ملحمة وطنية أثارت إعجاب وتقدير كل الشعوب الحرة التي ترفض الظلم والفكر الظلامي المنحرف .
وقد اصبح الحشد الشعبي قوة وطنية عقائدية، وجزءا مهما من القوات المسلحة العراقية، ومازال يقوم بدوره الوطني الفاعل في الدفاع عن البلاد، وملاحقة فلول الإرهابيين بكل شجاعة، وتأمين الحماية للحدود، والمساهمة في البناء وإعادة الإعمار .
وكان إقرار قانون الحشد الشعبي من قبل مجلس النواب في السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني من عام ٢٠١٦ تطورا مهما ولافتا في مسيرة هذه القوة الوطنية الشجاعة، فقد اصبح بشكل رسمي جزءا من القوات المسلحة، وتكمن أهميته في كونه قد وضع النقاط على الحروف، وبدد قدرا غير قليل من المخاوف والهواجس التي تثار من هنا وهناك، كما أنه بمثابة تكريم رسمي وشعبي لهذه القوة التي دافعت عن البلد، وقدمت الآلاف من الشهداء، واعداد كبيرة من الجرحى في معارك الجهاد والمقاومة والتحرير . كما أنه قد أسكت الأبواق المأجورة، وتصدى لحملات التشويه والإساءة التي تقف وراءها دوائر سياسية وإعلامية ومخابراتية خارجية، وبالتعاون مع بعض الجهات الداخلية المعروفة بعمالتها وخيانتها .
واليوم وبعد مرور ٨ سنوات على صدور الفتوى المباركة، يقف الحشد الشعبي الى جانب القوات المسلحة سدا منيعا أمام أية محاولة تستهدف أمن واستقرار العراق .
تحية للمرجعية الدينية العليا، وتحية لشهداء العراق، وتحية لقادة النصر الذين كان لهم الدور الكبير في هذا الإنجاز التاريخي العظيم . وتحية لكل الذين ساعدوا وساهموا في دعم مقاومة الشعب العراقي وجهاده ضد الإرهاب ونخص بالذكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قدمت كل أشكال الدعم العسكري والتسليحي والسياسي والإعلامي، وقدمت ايضا العديد من الشهداء دفاعا عن الإسلام والمقدسات في العراق .
ـــــــ
https://telegram.me/buratha