د.أمل الأسدي ||
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه!
كيف يعلِّمني صبيٌّ؟
علی كلٍّ…تلميذٌ صغير وسأعيد تربيته!
أنا اتزَّمل بالعلم، وهبتُه روحي كي يفترش أيامها!!
في نهاية يومه، تذمر وأطلق صرخاته في وجه الوسادة!
ثم وقف هناك في باب المراد، كان ينتظر قدوم أصحابه،قال له الضابط في باب الروضة المقدسة:
– ياشيخ، بالله عليك إذا رأيتَ أحدا يحمل معه(مفاتيح الجنان) أخبرني، فلدينا توجيهات بعدم السماح بإدخال الكتب الی الحضرة
ـ حاضر سيدي
صمت قليلا ثم قال: هل تسمح لنا أن نجلس مجموعةً جنب الباب الداخلي للضريح؟ فأنا أنتظر أصحابي وسنجلس لقراءة القرآن!
ـ لابأس ،سأحاول، مع أننا لدينا تعليمات مشددة اليوم!
الحملة الإيمانية قد بدأت ويريد القائد عودة كل شيء الی وضعه؛لكن… بما أنكم ستقرؤون القرآن فقط، فلا بأس!
– حسنا، تفعلون، ونعم القيادة الحكيمة، لابد من ضبط كل الامور .
ثم رفع رأسه الی السماء وقال: يارب، لماذا لايحترمون العلماء؟
وفي هذه الأثناء مرّ صبيٌّ نواريّ الوجه،وقف قربه، سقطت مسبحة الشيخ، فبادر الصبي وأعادها إليه!
ـ لم أطلب منك أن تلتقطها!! عجيب!!.تتدخلون في كل شيء!
فقال له الصبي: اسمع ياشيخ، جزيت خيرا عن عملك الأول وقبولك طلب الضابط!! وكفی بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة!!!
وأما عن طلبك منه أن يسمح لكم بالجلوس ، فاعلم أنّ عز المؤمن في غناه عن الناس!!
وأما مدحك عملهم وقبولك به فتيقن أنه من استحسن قبيحا، كان شريكا فيه!
وأما عن تذمرك وغرورك وجرأتك علی الله فاعلم أن نعمةً لاتُشكر كسيئة لا تُغفر!
فارتعد الشيخ، وقال له من أنت؟ وكيف تتجرأ؟
فأجابه الصبي النوراني: علی رسلك، اهدأ قليلا، ستصيبك نوبة وتقتلك، ولو أن موت الإنسان بالذنوب، أكثر من موته بالأجل!!
فازداد غضب الشيخ،وراح يصرخ، من أين جئت بهذا الكلام؟
ـ أوصاني به شابٌّ، أخضر الخطوات،يتدثر بالشمس، يمشي وخلفه موكب من الحمام الأبيض!
خرج من بين هذه الباب، وقف هنا، وبقي يجود علی المارة وكفه لاتنضب!
فنهض الشيخ من نومه، ومرغ وجهه في التراب وهو يقول: قد أدبني الجواد فأحسن تأديبي!!