ضياء المحسن ||
يعتزم السيد مصطفى الكاظمي (رئيس الوزراء المنتهية ولايته) زيارة المملكة العربية السعودية، والتي تتزامن (بالصدفة البحتة) مع مؤتمر يعقد هناك للدول التي لديها علاقات مع الكيان الصهيوني ودول في دور التطبيع مع هذا الكيان الغاصب، وزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تعتبرها إدارته بأنها دولة تخرق قواعد الحقوق لمواطنيها منطلقة من حادثة مقتل الصحفي عدنان خاشقجي.
عندما نقول إن المتغطي بعباءة الأمريكان عريان فهذا ليس من باب التشفي، بل هو محاولة لجعل المتلقي يفكر جدياً بالأمر قبل المضي قدما فيما ينوي القيام به، لأن الولايات المتحدة لا يهمها من شأن هذا البلد أو ذاك إلا حماية مصالحها وتأمين عصب الحياة الاقتصادية لمواطنيها على حساب الشعوب الأخرى
بعيدا عن ماهية الإتفاقات التي سيعقدها السيد الكاظمي وإلزامية هذه الإتفاقات للحكومة القادمة، يبدو أن السيد الكاظمي أوقع نفسه بين مطرقة الذهاب الى قمة السعودية وسندان الكتل السياسية التي تتربص به، لأنه سيكون متواجد والمجتمعون يناقشون موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، في وقت لم يجف بعد الحبر الذي تم فيه إقرار قانون تجريم التطبيع مع هذا الكيان الغاصب، أضف الى ذلك فإن زيارة بايدن مصممة بالأساس للضغط على الدول الخليجية والتي لديها وزن في (أوبك+) لزيادة إنتاجها النفطي، بسبب تأثير الحظر على الصادرات النفطية الروسية والتي تسببت بإرتفاع المحروقات في الولايات المتحدة وأوربا كثيرا، وهو الأمر الذي ينذر بموجة من الإحتجاجات في هذه الدول في حال إستمرار الأزمة الى فصل الشتاء.
في الوقت الذي تؤكد فيه صحف أمريكية (الواشنطن بوست وصحيفة لوس أنجلس) أن ذهاب بايدن فقط لتأمين النفط وضمان إنسحاب دول الخليج النفطية من إتفاق (أوبك+) متناسياً تعهداته أثناء حملته الانتخابية بجعل السعودية بلد منبوذ، ناهيك عن ضرورة تأمين أمن الكيان الصهيوني، من خلال عقد إتفاق أمني مشترك يضم دول الخليج والأردن ومصر والعراق عن طريق نشر تكنولوجيا دفاعية إسرائيلية، لمواجهة الطائرات المُسَيرة التي ضربت مرات عديدة منشآت نفطية في السعودية والإمارات وإسرائيل، بالإضافة الى ضرب مناطق في شمال العراق، بأيدي الفصائل المسلحة التي تعد الولايات المتحدة دولة محتلة، وإسرائيل كيان غاصب، وهذه الدول تساعد على إستمرار بقاء هذا الكيان محتلاً للأرض الفلسطينية.
مشروع الناتو العربي يمثل نسخة معدلة من مشروع حلف بغداد، والذي أسهم في سقوط الملكية في 14 تموز 1958، لأن التوافقات الدولية لا تسمح بأن تكون هناك يد طولى لأحدهما على حساب الأخر، وما يجري في سيرلانكا ومن قبلها أوكرانيا ما هي إلا مقدمات لتشكيل نظام عالمي جديد بعيد عن الأحادية التي كانت تتسيدها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ظهور روسيا والصين ومن خلفهم إيران، والتي تشاء (الصدفة البحتة) أن تكون هناك قمة ثلاثية في طهران تجمع بوتين رئيسي أردوغان.
أين العراق من هذا كله؟
نجد ضرورة أن تفهم الفعاليات السياسية اللعبة الجاري الإعداد لها، لإتخاذ قرار مصيري مع مَن يقفون؟ هل مع محور بايدن أم مع محور بوتين حيث أن الذهاب مع أحد المحورين سيرسم مستقبل العراق والعملية السياسية المتأرجحة فيه، وهنا نقول كلمة على الجميع أن يعيها أن التاريخ لا يرحم من يحاول بيع العراق لمحور نعلم جيدا أنه يرسم لقضم الأرض الفلسطينية، فالمشاركة في هكذا مشروع ومحاولة ضرب المقاومة موضوع لا يمكن السكوت عنه.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha