عبد الكاظم حسن الجابري ||
صار الحديث عن الفاعل الخارجي وتأثيره في اختيار الرئاسات العراقية وتشكيل الوزارة حديثا عاما, يتداوله السياسيون انفسهم ويتداوله الاعلام بشكل ملفت للنظر.
ايضا تتداول النخب هذا الحديث! وما تجد لقاء تلفزيوني أو ندوة سياسية او مجموعة على التواصل الاجتماعي تحوي نخبا الا ونراهم يتداولون هذا الموضوع .
الغريب في الموضوع هو ان من يتداول هذا الحديث يتداوله بأريحية, وكأنه استحقاق ضمني ضمن الاستحقاقات النيابية والسياسية, كما ان اغلب من يتداول الامر لا يشعر بالعار منه –باستثناء القلة القليلة التي تستنكر الامر- وكل المتداولين لهذا الشأن يتداولونه وفق ميولهم لهذه الدولة او لتلك, وكأن المشهد السياسي يجب ان لا يمر الا بهذا الفاعل الدولي.
في خضم هذا الصراع والتخندق للفاعل الخارجي, يبدو ان الصوت الوطني صوت غائبا عن المشهد, ولا احد يولي للإرادة الوطنية اي اهتمام, ويبدو وكأن العراق يخلو من ابناءه الطالبين رفعته وسموه وعلوه.
الحقيقة هي ان غياب الصوت الوطني عن المشهد السياسي –الا ما ندر- يعكس ثلاث امور: الامر الاول هو العمالة لجهات دولية لها مآرب في العراق, يحققه اللاعب الداخلي لمصلحة اللاعب الخارجي, والامر الثاني هو جبن الفاعلين السياسيين في الداخل وخوفهم وعدم الثقة فيما بينهم, فيتخذون طريق اللجوء للفاعل الخارجي –الأقوى بنظرهم- ليقدموا له فروض الطاعة ليبقوا في المشهد السياسي, والامر الثالث والاخير هو النظر للمصلحة الشخصية والنفع الشخصي, فخيار الانحياز للخارج قد يعود بالنفع على هؤلاء, بخلاف الانحياز للوطن الذي قد لا يحقق لهم شيء من نزوات الدنيا.
الصوت الوطني غاب عن مشهدنا, وقابل غيابه استمراء العمالة والانحياز للخارج, وتفضيل مصلحة الفاعل الخارجي على مصلحة الوطن, الامر الذي ادى لان لا يفكر هؤلاء بالشعب ورفعته, ولا بالوطن وبنائه, وكل ما يبتغونه ارضاء الصوت الخارجي.
لا تتحقق القيمة الوطنية والانحياز للوطن الا بالتحرر من عقد النفع الشخصي والخصام السياسي, والتحول من مبدأ الغلبة الى مبدأ الشراكة في البناء, ليُنْتَج وطن قادر على ان ينهض نفسه بنفسه, بعيدا ان اهواء ومصالح وغايات الدولة المتصارعة في الشرق والغرب.