المقالات

الخبر بين الفلس والبلاش..!

1476 2022-07-27

حمزة مصطفى ||   في الماضي قبل ثورة الإتصالات وتوابعها ومتبوعاتها كانت فترة إختبار مصداقية الخبر لاتتعدى 24 ساعة. الصحف الورقية كانت تتأخر طباعتها حتى ساعات الفجر الأولى بإنتظار خبر لأن كان كل شئ فيها جديد. الأمر إختلف الآن تماما حيث غالبية الصحف الورقية باتت تطبع في تمام الساعة السادسة وتوضع على الموقع الألكتروني  بينما تبقى الورقية في ثلاجة المطبعة حتى صباح اليوم التالي. لماذا؟ لأنه لم يعد توزيع رواتب المتقاعدين خبرا جديدا. ولا توزيع قطع أراض لذوي المهن الصحية. ولا المباشرة بتوزيع مفردات البطاقة التموينية, ولا إطلاق سلف للموظفين من المصارف الحكومية. في الماضي كان التنافس شديدا بين الصحف لأن كل  صحيفة كانت تحتكر خبرا أو أكثر من هذه الأخبار. كان هدف التنافس هو إحتكار السبق  الصحفي لا غير. حتى بعد إختراع الراديو والتلفزيون فإن  كمية الأخبار الخاصة التي تحتكرها  الصحف الورقية كبيرة وذات قيمة. منذ ساعات الصباح الأولى كانت الأخبار التي تشيع بين الناس جديدة تماما بعد أن تخرج من فرن المطبعة حارة و"مكسبة ورخيصة".  حين دخل  الراديو ومن بعده التلفزيون ميدان المنافسة بقيت الحدود واضحة بين المكتوب والمسموع والمرئي. الفرق بين الخبر مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا هو بقدر قيمته التداولية على مستوى المعلومة. العقل الجمعي إعتاد على تسعير المعلومة أيا كانت من حيث الأهمية والخطورة. السعر الثابت وفقا للعقل الجمعي هو إنها اليوم بـ "فلس" وغدا بـ "بلاش". لكن هل تقدير العقل الجمعي للخبر يعبر عن الحقيقة؟ لا بالتأكيد. فخبر توزيع مادة الطحين في الحصة التموينية يختلف تماما عن إنخفاض  أسعار النفط . كما أن خبر تعطيل الدوام لأي سبب وهي كثيرة في بلادنا يختلف عن خبر سقوط مدينة خاركيف على يد الروس في أوكرانيا. إذن لماذا يسعر الناس الخبر وبفلس دائما؟ التسعيرة هنا لاتتعدى الرغبة في الحصول على الخبر قبل أن يشيع. لذلك وضع له العقل الجمعي أيام كان لايفرق بين الاهم والمهم والعادي والضروري تسعيرة ثابتة على مستوى اللهفة في حيازته.  بين الأمس حيث كان العالم يقوم على تقسيم صارم بين التقدم والتخلف. أو العالم الأول أوالعالم الثالث أو المدينة أوالقرية, وبين اليوم حيث يجري إختزال العالم كله في مسمى واحد هو "القرية الكونية", فإن السؤال المطروح هو هل بقيت قيمة الخبر  السوقية هي فلس مثلما كان عليه الأمر سابقا؟ لا بالطبع لأن الخبر الذي له قيمة سعرية ثابتة لم يعد بحاجة لأن ينتظر الى الغد لكي نحصل عليه مجانا. كل الأخبارالآن بصرف النظر عن محتوياتها هي بفلس وببلاش في آن واحد. فالخبر إن كان صحيحا أو منقولا وهي في العادة الأخبار أو المعلومات الملفقة تنطلق في الفضاء الرقمي التداولي في آن واحد. وبمجرد أن تقع عليها عين القارئ تصبح لها قيمة أخرى بالنسبة له لم تعد محكومة بمعادلة الفلس والبلاش بل بمعادلة أخرى هي الزيف والمصداقية. الفارق بين ماهو زائف وحقيقي هو المثل الآخر الذي غالبا ما نستخدمه حين نشتري رقي وبطيخ وهو "عينك ميزانك". فطالما إنك بمجرد النظر الى الرقية والبطيخة يمكنك معرفة ما إذا كانت رايجة أم فطيرة تستطيع أن تميز بوساطة العين العاقلة بين الخبر .. الرايج والفطير.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك