عامر جاسم العيداني ||
منذ حصول التغيير في العراق لم يلمس المواطن تغييرا ملموسا على واقعه بل ازداد الوضع سوءا فنشأت حالة من الرفض لسياسة الاحزاب الحاكمة التي يتهمها الشعب بسرقة ثرواته من خلال الاستحواذ على السلطة وتقاسمها بينهم وفق محاصصة توزيع لمؤسسات الدولة حسب عدد المقاعد في مجلس النواب ومن خلال نظام انتخابي تم فصاله حسب مقاسهم ليستمروا بالتسلط على رقاب الشعب .
ان هذا الرفض تم التعبير عنه من خلال تظاهرات عمت المناطق الجنوبية من العراق وخصوصا البصرة بالاضافة الى بغداد ، وتشكلت معها ما يسمى بالتنسيقيات التي يقودها افرادا كل منهم لديه رؤية ، هناك من هو متشدد لحد الرفض بقبول الاخر ومنهم لديه القدرة على الاستمرار في التفاوض مع الحكومة والضغط عليها للحصول على المكاسب بشكل بطئ من خلال وعود تنفذ في الاجل المتوسط والذي قسم منه مرتبط بالحكومات المحلية والاخر بالحكومة الاتحادية .
ولوحظ من خلال التظاهرات نشوء شخصيات قيادية اطلق عليها تسمية الناشط المدني الذي دائما ما يكون متصديا وخطيبا يعلو صوته في الساحة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ومنهم من تم اعتقاله من قبل السلطة فزاد شأنه بين جمهوره الخاص به .
نأتي هنا ونسأل من هو الناشط المدني ، حيث يعرف (بانه الذي يعتقد بقوة بامكانية التغيير السياسي او الاجتماعي ويشارك في انشطة مثل الاحتجاجات العامة في محاولة منه لتحقيق ذلك ..) وهذا التعريف ينطبق على كثير من الاشخاص ولا علاقة للمدنية بالموضوع .
قد يكون الناشط في حقوق الانسان او ناشط في حقوق المرأة أو الطفل او الحقوق الطبيعية التي اقرها الدستور للدولة او التي تقرها منظمات عالمية ، وهذه كلها حقوق مدنية لا يمكن ان يمثلها شخص واحد بأجمعها ، وعلينا ان نطلق على من يمارس نشاطا معينا بحد ذاته ( بالناشط الحركي او الفاعل ) كما جاء في التعريفات العامة .
ونعرج على ما يتحلى به الناشط الحركي وهي التسمية التي قررنا استخدامها واطلاقها على من يعمل في المطالبة بحقوق شعبه ، اولها صاحب مبادئ واضحة ومعلنة وصاحب قيم واخلاق ويلتزم بالدستور الديني الذي ينتمي اليه والاعراف الاجتماعية السائدة وان يراعي حريات الاخرين وعدم التجاوز عليها واحترام الرأي والرأي الاخروقبوله وعدم استخدام العنف البدني واللفظي ومحاولة تشويه سمعة الذين يختلف معهم .
ان الناشط الحركي عندما يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في بيان رؤيته عليه ان يختار اسلوبا حضاريا وموضوعيا مؤثرا ومقبولا ليكسب اكبر عدد من الجمهور ليسانده ويمكن ان يلبي دعوته بالخروج معه للاحتجاج والمطالبة بالحقوق المنشودة وان لا يعطي فرصة لخصمه ان يهجم عليه وبالتالي يخسر جمهورا واسعا لصالح الاخر .
نلاحظ ان اغلب الناشطين الحركيين يتعاملون مع من يختلف معهم بطريقة عنيفة ويحاولون اسقاطه بكافة وسائل العنف اللفظي بالاضافة الى العمل على مواجهة رؤؤس النظام بالاستهداف الشخصي له ولعائلته ، وهذا خطأ جسيم ليس بصالح الناشط الحركي لانه سيواجه باستنكار من المجتمع الذي دائما يميل الى الاخلاق التي رسمها له الدين وبالتالي خسر جمهورا واسعا كان من الممكن ان يكون معه ويعطي فرصة لخصومه في السلطة الى استمالة هذا الجمهور لصالحه .
الناشط الحركي يجب ان يكون ذا كارزيما مؤثرة ولا تتأثر بالسلوكيات المرفوضة اجتماعيا ويبتعد عن العداوات مع المسؤولين الذين يختلف معهم لانه سوف يكون غير مقبولا عندما تحين فرصة للحوار لتحقيق ما يصبوا اليه وان لا يقطع كل الجسور وتكون هناك حالة من القطيعة مع النظام وبالنتيجة سوف يخسر كل جهوده ويصبح في عزلة وتنتهي معه كل الحركة التي انشأها .
ومن خلال هذا المقال ادعو كل ناشط حركي ان يعيد النظر بسلوكياته ودراسة الواقع بشكل جيد بعيدا عن الانفعالات الشخصية والتفاعل مع الجمهور بكافة اتجاهاته سواء كان معه او يختلف معه ليخلق صورة جميلة للانسان الذي يمتلك ثقافة ووعيا يمكن ان يؤثر في الاوساط التي يعيش معها ويكون صانعا للمحبة والسلام .