رماح عبد الله الساعدي ||
تشتاق ارواحنا من عام الى عام لأيام كربلاء، وتتهيء كل جوارحنا الى احياء هذه الواقعة الاليمة والفاجعة الكبرى التي حلت بأهل بيت النبوة (عليهم السلام)، والتي أدمت قلوب العالمين، فتجدنا نجد ونجتهد من اجل إحياء الايام العاشورائية، ونتنافس فيما بيننا من اجل تقديم الافضل في هذا العزاء الكبير، فتجدنا يد تلطم ويد تطبخ الطعام ويد تخدم الزوار، وعين تبكي وعين تسهر على خدمة المعزين، وقدم تسير لتواسي مولانا الامام السجاد ومولاتنا السيدة زينب (عليهم السلام)، وتتذكر مأساتهم في المسير، ومعاناتهم وبُعد الطريق، وكيف انهم سارو وهم يريدون ان يزوروا الامام الحسين (عليه السلام)؟؟!!
كل هذه الامور جيدة وقليلة بحق اهل البيت (عليهم السلام ) لكن كما تعودت جوارحنا على هذه الامور من اجل مواسات اهل البيت (عليهم السلام) ونصرة الثورة الحسينية يجب علينا ان نربي جوانحنا ايضا وليست فقط جوارحنا على نصرة هذه القضية والتمهيد لدولة العدل الإلهي، فاليد التي تلطم على الحسين(عليه السلام) يجب ان لا تسرق حقوق الاخرين، وان لا تمتد بالأذى لخلق الله، والعين التي تذرف الدموع يجب ان لا تنظر الى ما لدى غيرها بعين الحسد وان تغض النظر عما حرمه الله، والصدر الذي يُلطم عليه ان لا يحمل غلاً على اخٍ له، وان لا يكن العداء والضغينة لأخيه لمجرد امور دنيوية عادة ما تكون تافهة، ولكن عظمها في صدره الشيطان ليزرع التفرقة بين الاخ واخيه، والاقدام التي تتحمل تعب مسير تلك المسافات الطويلة عليها ان لا تسير الا في مرضاة الباري عزوجل وما فيه خدمة الدين والمذهب وان لا تسير خلف الباطل وتشجعه بل علينا ردعه وبكل ما اوتينا من قوة، فإمام زماننا (عجل الله فرجه) في انتظارنا فهو المنتظِر ولسنا نحن المنتظرون، فهو ينتظر منا تهيئة القاعدة الحصينة والرصينة التي تجاهد من اجل اعلاء كلمة الحق، وقلوب تصدع بصدى الايمان الحقيقي، قلوب لم تزغ عن الحق ولا تأخذها في نصرته لومة لائم، قلوب اخذت من كربلاء العز والاباء والموت دون اعلى كلمة الله وجعلها هي الاولى ولا يعلى عليها اي عال او متعال، فلتكن كربلاء توئم الثورة المهدوية ولنعدَّ لها انفسنا كما نعدّها لأحياء ايام عاشوراء اعدادا روحياً وجسدياً وفكرياً، لا ينفصلان ابدا عن بعض، ولو انفصلا ماتا معا،
فلنكن شباباً مهدوي الفكر كربلائي العقيدة، فكما نحن نتكاتف من اجل مواسات اهل البيت (عليهم السلام ) ونبذل الغالي والنفيس، علينا ان نتكاتف بنفس الهمة والبذل لنصرة امامنا امام زماننا (عجل الله فرجه ) وادخال السرور على قلبه الجريح عندما تعرض عليه اعمالنا ويرى بأم عينه ان دم جده الحسين (عليه السلام) لم يذهب سدى، بل ايقظ القلوب النائمة على مدى العصور وها هم يبذلون كل ما باستطاعتهم من اجل تحقيق ما ثار من اجله الامام الحسين(عليه السلام) وهو اقامة حدود الله وإقامة دولة العدل الالهي والتمهيد لظهور منقذ الامة الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) .
جعلنا الله واياكم من الممهدين للثورة المرتقبة و المستشهدين بين يديه الشريفتين.