قاسم الغراوي ||
بعض القيم والثوابت المتعارف عليها التي يؤمن بها الانسان في العقائد والثقافات وبعض التقاليد والاحتفال بوقائع تاريخية كل حسب تصوره وقناعته وايمانه ومدى تاثره وتاثيره لاجدال فيها الا بالتي هي احسن وفهمها ومطابقتها وصدقها وسندها وتاثيرها في المجتمع.
من المشتركات التي اتفق عليها الاحرار والغالبية العظمى في العالم والتي ناضلوا من اجلها وقدموا الغالي والنفيس هي مبدأ الايمان بقيم الاصلاح ومحاربة المفسدين لديمومة الحياة الانسانية واستمرارها بشكل يضمن كرامة الانسان وحريته، ولهذا كانت الثورات عبر التاريخ ضد التجبر والتسلط والفساد بقيادة اشخاص امنوا بالاصلاح والتغيير مهما كلفتهم رسالتهم الانسانية.
ثورة الحسين بن علي (ع) سبط رسول الله(ص)من هذه الثورات التي كانت وماتزال تحمل القيم الانسانية النبيلة باتجاه تغيير الاوضاع السائدة وهو يقود ثورة الاصلاح والتغيير ضد الفساد والمفسدين ودفع الثمن برضا دون خوف او وجل ، وكان على بصيرة من امره ، وخلد التاريخ ذكراه من خلال احتفال الملايين من المسلمين والاحرار في العالم لاستذكار ملحمة الخلود والدروس المستنبطة منها.
ومما يؤسف له حقا ان نقرا لانصاف المثقفين بل الجهلة والمعاقين فكرياً الذين لايفقهون من التاريخ شيئاً الا ماوافق اهوائهم ويحاولون جاهدين ان ينتزعوا من ذكرى عاشوراء كل قيم الاصلاح والتغيير ومحاربة الفاسدين وان يفرغوا ثورة الحسين بن علي من محتواها بل ذهبوا الى ابعد من ذلك وهو ان الحسين قتل بسيف جده ، ومنهم من يتحفنا بان الحسين خرج عن الحاكم وان كان ظالماً، واخر يقول عليه ان يقبل بالامر الواقع، ومن خلال متابعتي لمنشورات اصدقائي اقرا العجب من التعليقات على منشوراتهم فاحدهم يقول ان الاحتفال بهذه المناسبة يدعوا للطائفية ، واخر يقول لماذا هذا الحزن عليه اكثر مما تحزنون على غيره بهذه الطريقة وكثيراً من التفاهات والاسئلة التي تدل على جهل السائل والمامه بمجريات حركة التاريخ لغاية استشهاد الامام الحسين .
والغريب في الامر يحدثنا هؤلاء بفخر عن حركة الثوار ويكتبون عنهم وعن ثوراتهم ويضربون لنا مثلا عن ؛ غاندي وجيفارا ومانديلا واخرين بفخر ، ويستكثرون قراءة بعض الحروف عن تاريخ سبط الرسول (ص) الذي قال فيه :(حسين مني وانا من حسين) .
الحسين الذي قاد ثورته بيقين وثبات وعزم وكان مناراً ولايزال لكل ثوار العالم بشجاعته وعزمه وتضحياته من اجل الانسانية جمعاء وهو يحمل مشعل الحرية من اجل تحرير النفس من الخوف لمحاربة الفاسدين والظلمة وهو يقود راية الاصلاح :{إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي}.
ايها المعاقون فكريا والجاهلون بحركة التاريخ والحاضر لاتزال ثورة الحسين قائمة لاتنتهي في هذا العالم فهي ثورة المظلوم ضد الظالم ، وهي ثورة المصلحين ضد الفاسدين ، وهي القيم الانسانية النبيلة وارادة الخير ضد قيم الفساد والشر وهي بالنسبة لنا ثورة النور والعلم ضد ارادة الجهل والظلام الذي تقبعون فيه والى الابد.