الباحث والإعلامي صبيح المرياني
يشير أستاذ علم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم إلى أن الميل والإنحراف في سلوك الفرد وسط المجتمع يتناسب عكسيا مع درجة التكامل في عدة عوامل أولها البنية الدينية في المجتمع ودرجة التماسك بين افراد الاسرة الواحدة التي تعد النواة الأولى في المجتمع ، وكذلك درجة التوحد في البنية السياسية ، ويبدو أننا في العراق وضمن هذا التصور قد يكون مستوى الإنحراف في السلوك قد بدأ يأخذ منحنيات بعيدة كل البعد عن ما نطمح إليه في بناء مجتمع مستقر وآمن ومبدع في ذات الوقت ، والسبب في ذلك أننا لو أعدنا النظر في العوامل التي ذكرها دوركهايم ونتحدث عنها ببساطة نجد أن العامل الأول المختص بالبنية الدينية قد تعرض الى العديد من الهجمات الفكرية التي تحاول التقليل من أهمية الدين والتدين في المجتمع والمستهدف في تلك النقطة بالتحديد هم فئة الشباب ، ومن كلا الجنسين ، والوسيلة المستخدمة في ذلك هي وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو أمر يشكل خطرا مستقبليا على هذا العامل المهم في بناء المجتمع ، اما العامل الثاني المختص بالتماسك الاسري فنرى أن اغلب الدراسات الحديثة اكدت أن إدمان السوشيال ميديا أصاب العديد من افراد المجتمع بالعزلة والعيش في العالم الافتراضي ما سبب بالنتيجة ضعفا في الروابط المجتمعية وانهيارا في الشعور الجمعي في بناء المجتمع والوحدة تجاه ذلك ، اما الطامة الكبرى التي نعيشها وعلى مدى السنين الماضية فهي البنية السياسية التي لم تجد لنا مخرجا من مشكلة أبدا ، لا على مستوى الاقتصاد ولا على مستوى الصحة ولا الزراعة ولا التجارة ولا غيرها من الأمور الخدمية التي يقف على رأسها خدمات توفير الطاقة الكهربائية ، بل على العكس كانت السياسة في البلاد منجما للازمات التي افقدت الشعب الروح المعنوية في أن يصبح منتجا وهو في أوج شبابه وعطائه.
إذن ومن أجل أن نحافظ على المجتمع في أن يسير باتجاه السلوك السلبي محبطا ومنهارا لابد من تقوية سلطة الدين وسلطة الاسرة وسلطة الدولة بالعدل طبعا ، لأن ذلك من شأنه أن ينتج مجتمعا قويا متماسكا يعمل بروح الفريق الواحد مهما كبر حجمه وازدادت أعداد أفراده.