حمزة مصطفى ||
الأذن تعشق قبل العين أحيانا, هذا ما أخبرنا به بشار بن برد. ولأنه لم تكن على عهد بشار أزمة حوار فلم يكن قد نشأ بعد مادخل المدونة الكتابية والسلوكية البشرية مايعرف بـ "حوار الطرشان". هنا يبرز سؤال نصف برئ.. هل يتحاور الطرشان؟ نعم وكذلك الخرسان والبرصان والعرجان طبقا لقاموس الجاحظ. الحوار ضرورة خصوصا إذا تناول "آخر المستجدات" مثلما هو الحوار الجاري بين قادتنا السياسيين على مدى التسعة عشر عاما الماضية. طبقتنا السياسية بكل زعاماتها وقياداتها هي أكثر القيادات والزعامات في العالم إنتاجا للحوار. إنهم لايملون من الحوار ولامن إصدار البيانات ولا من الجلوس على كل الموائد الطولية والمستديرة والمربعة. ليس هذا فقط فإن طبقتنا السياسية هي أكثر طبقة سياسية في العالم تطلق مبادرات. وبعد الحوارات والمبادرات وإذا شئت المزيد الإنتخابات المبكرة.
آخر إنتخابات دورية كانت عام 2018 لكنها أنتجت حكومة مؤقتة لم تعمر طويلا مثلما كانت تذهب كل التوقعات. عقدنا العزم على إستقالتها لنعلن حاجتنا الماسة الى أخرى إنتقالية, ثم سرعان أعلنا عن حاجتنا الى المبكرة. اليست هذه قواعد الديمقراطية؟ طال أمد المبكرة وحين أجريناها لم نتمكن من إنتاج حكومة. لم يعد أمامنا سوى الهروب الى مبكرة جديدة و.. عل هالرنة طحين جينين بلاسخارت ناعم. فبعد 9 شهور من الفشل الكتلوي في تشكيل الحكومة وجدنا الحل في الحل وهو حل البرلمان وإجراء إنتخابات جديدة أي مبكرة . هل مايجري منطقي؟ البعض يقول نعم. دول كثيرة تحل البرلمان مرة ومرتين حين تصل الى مرحلة إنسداد سياسي. صحيح لكن تلك الدول لديها مؤسسات لا علاقة بها بسياق عمل البرلمان والحكومة.
البعض الآخر يقول نحن ندور في حلقة مفرغة سلقا للوقت الذي بات يسلقنا نظرا لتأخرنا في كل شي. فنحن نريد تشكيل حكومة أغلبية وطنية في ظل عرف توافقي وهو توزيع الرئاسات الثلاث على المكونات. ليس هذا فقط فإنه إذا كان رئيس الوزراء يمضي بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء البرلمان بصرف النظر إن كانت الحكومة أغلبية أم توافقية, فإن رئيس الجمهورية يحتاج الى أغلبية الثلثين. وأغلبية الثلثين تعني توافق مكوناتي. هل بقي معنى لمفهوم الأغلبية أو التوافقية؟ والله ما أدري "على كولة" أحد الآباء المؤسسين لنظامنا الحالي. نسيت أقول أن الطرشان يناقشون "آخر المستجدات" بلغة الإشارة, وهي لغة منتجة على الأقل.