الشيخ محمد الربيعي ||
▪️أعظم الله اجركم بذكرى استشهاد الامام علي بن الامام الحسين ( السجاد ) ( ع ) .
▪️لقد ترك الإمام السجاد (ع) ثروة أخلاقية في سيرته و عمله الكثير ، لأنه كان في القمة من الأخلاق و الروحية و الحركة في خطّ المسؤولية ، وقد ملأ المرحلة التي عاشها علماً ، حتى كان أساتذة الفكر في ذلك الزمن من تلامذة الإمام .
▪️ و نحن، للأسف ، لا نذكر السجاد(ع) إلا باكياً ، بالرغم من أنّ بكاءه على أبيه الحسين(ع) لم يكن بكاء الجزع ، و كان للعبرة و التعليم .
▪️وان الامام السجاد ( ع ) كان يريد بذلك أن يبيّن لنا أنّ هذه الأخلاق الإسلاميّة ، من حلم و صبر و مغفرة و تواصل و بذل ، تمثّل الخطّ الإسلاميّ الذي يمنحك الجائزة الكبرى ، فتدخل إلى الجنّة بغير حساب ، و أية جائزة أعظم من ذلك .
▪️ صحيح أنّ الإنسان قد يعيش الشعور بالحرمان إذا ابتعد عن المطامع ، لكن إذا كان ثمن ذلك الجنّة ، فإنّ كلّ شيء يهون أمام هذا النّعيم .
▪️أيّها الأحبّة ، إنّ الإمام زين العابدين (ع) الذي كان يمثّل كل الروحانية و الزهد و الخوف ، كان القويّ في موقفه أمام جميع الطغاة .
▪️ كان القويّ بالله كما الخاشع بين يديه ، و كلّما أحبّ الإنسان الله أكثر ، كان إنساناً أكثر وقويّاً أكثر..
▪️إنّ أهل البيت (ع) هم أئمّتنا و قادتنا و سادتنا ، و هم أهل بيت النبوّة ، و معدن الرّسالة و مختلف الملائكة ، بهم فتح الله و بهم يختم ، فعلينا أن نتولاهم و نسير في خطّهم ، فإنّ ذلك هو معنى الولاية و الارتباط بالإمامة .
▪️ايها الاحبة بدأ الإمام زين العابدين(ع) حركة إمامته ، فعمل على أن يحيط بالمشكلة الموجودة في الواقع الإسلامي من كل جوانبها ، و كانت المسألة المطروحة في الساحة الإسلامية منذ بداية الحكم الأموي ، هي إبعاد المسلمين عن الأسس الإسلامية الفكرية الثقافية للعقيدة و للشريعة ، و للمفاهيم العامة للإسلام ، و للمنهج في التفكير والمنهج في السلوك و المنهج في حركة المسؤولية.
▪️كانت الخطة هي تجهيل المسلمين ، لأنّ أمثال معاوية و أمثال يزيد لا يمكن أن يسيطروا على مجتمع يملك وعي العلم وسعة المعرفة وعمق التقوى وأصالة المسؤولية وامتدادها..
▪️لذلك بدأ الإمام زين العابدين(ع) حركته الفكرية العلمية كأوسع ما تكون الحركة، مما يبعد الفكرة التي تقول إنّ أسلوب زين العابدين(ع) كان أسلوب الدّعاء فحسب .
▪️و قد أراد الامام السجاد (ع) أن يثقف الأمة بالحقوق الشرعية التي تترتب على كل إنسان تجاه الإنسان الآخر ، حتى يتوازن الناس في علاقاتهم ببعضهم البعض ، بحيث يعرف كل إنسان عندما يعيش مع أبيه و أمه ، و مع أولاده و زوجته ، و الزوجة مع زوجها ، و المحكوم مع الحاكم و مع القاضي ، و المعلم و المتعلم و المسلمين كافة ، و مع أهل الذمة ، حتى يعرف الإنسان ما له وما عليه .
▪️أيها الاحبة ، و لعلّ مشكلة الناس في العالم على مستوى الدول و الشعوب و العلاقات الفردية ، هي أنهم لا يعيشون التوازن فيما لهم وفيما عليهم ، لأن بعض الناس يرى أن له الحق على الناس و ليس للناس حق عليه ، و من هنا يبدأ الاهتزاز .
▪️و على هذا كان الإمام زين العابدين (ع) يحدّد في (رسالة الحقوق) لكل إنسان ما له من الحق و ما عليه من الحق ، و من الضروري لكل إنسان ـ ولا أقول لكلّ مسلم أو شيعي ـ أن يعتبر رسالة الحقوق رسالته التي يقرأ فيها صباح مساء ، حتى يوازن حركته في المجتمع أو مع نفسه ، و قبل ذلك ، حركته مع ربه ، ليعرف حقّ ربّه عليه ، و حقه الذي فرضه الله على نفسه له ، و حقّ جسده عليه و ما إلى ذلك .
▪️أيها الأحبة إن زين العابدين (ع) استطاع أن يملأ المرحلة التي عاشها علماً و روحاً و ثقافةً و أخلاقاً و قدوةً ، بحيث كان التجسيد للإسلام كله ، حتى إنه عندما أرادنا أن نحبّه وأن نحبّ أهل بيته ، قال: ( أحبّونا حبّ الإسلام ) .
▪️و بذلك نستطيع أن نقول إنّ الإمام زين العابدين (ع) استطاع أن يملأ مرحلته الثقافية و الروحية و الفقهية و الحركية بما مهّد لمرحلة الإمامين الباقر و الصادق (ع) ، فلم يأتِ الإمام الباقر (ع) من فراغ ، و لم يأتِ الإمام الصادق (ع) من فراغ ، بل جاءا وقد فرش لهما الإمام زين العابدين (ع) الأرض كلها ، بما يجعل مهمتهم أكثر سهولةً و واقعية وامتداداً .
▪️ فلا تتصوّروا الإمام زين العابدين (ع) في موقع الإنسان الذي لا يعرف إلا أن يبكي ، ولكن في موقع الإنسان الذي يعرف القيام بالمسؤولية كلّها .
▪️وفي نهاية المطاف ، قولوا للذين يتحدثون عن زين العابدين (ع) بلهجة الذلّ ، إنه كان يقول: ( ما أحبّ أن يكون لي بذلّ نفسي حمر النعم ) ، فلقد كان العزيز بعزّة الله ، و هو القائل: ( واعصمني من أن أظنّ بذي عدم خساسة ، أو أظنّ بصاحب ثروة فضلاً ، فإنّ الشريف من شرّفته طاعتك ، و العزيز من أعزّته عبادتك ) .
▪️و نبقى مع زين العابدين(ع) و مع أهل البيت(ع) ، لأنهم أهل بيت النبوّة ، و موضع الرسالة ، و مختلف الملائكة ، ومهبط الوحي و التنزيل ، و لأنهم الذين أذهب الله عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيراً .
▪️فتعالوا لنعيش معهم جميعاً ، حتى نذهب عن عقولنا الكثير من رجس الباطل ، و عن قلوبنا الكثير من رجس الحقد ، و عن حياتنا الكثير من رجس المعصية لله ، لنعيش طهارة الإسلام في طهارتهم . اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و اهله
https://telegram.me/buratha