د. جواد الهنداوي .
سفير سابق /رئيس المركز العربي
الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات
بروكسل / في ٢٠٢٢/٩/٢ .
في مقالي بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٣٠ ، وبعنوان " مَنْ وراء خطاب السيد الصدر و موقفه …" ، عبّرنا عن الثناء و التقدير لما جاء في خطاب السيد الصدر ، و اهم ما جاء في الخطاب هو اعتراف الرجل بالخطأ و أعتذاره علناً ، ومثلما نقول " الاعتراف بالخطأ فضيلة ".
ولكن ، تَرِدُ ، و بتكرار ، في بيانات الوزير محمد صالح العراقي ، والناطق بأسم السيد مقتدى الصدر ، مفردة " العدو " . ففي البيان الذي صدر من الوزير بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٣١ ، مخاطباً جمهوره الصدري ، قال فيه " نؤكّد الى أحبتنا الكرام بأن لا ينساقوا خلف الاشاعات و الارادات التي تحاول تفتيت وحدة ابناء المنهج الصدري ، فأنَّ قوتنا في اجتماعنا و توحدنا ، وضعفنا في تفرقنا ، والعدو يتربّص بنا " .
مَنْ هو العدو الذي يتربّص بوحدة ابناء المنهج الصدري ؟ هل المقصود امريكا او اسرائيل او جهة اخرى ؟ وهل عدو ابناء المنهج الصدري غير عدو العراق و الوطن ؟
يترددُ ذكر العدو في بيانات التيار الصدري في اطار التظاهرات و الاعتصامات والاقتحامات التي تستهدف الدولة و مؤوسساتها ، وفي غياب شعارات وهتافات " الموت لامريكا و الموت لاسرائيل " ، وفي ذكر غير محمود و تهديد لقيادات سياسيّة عراقية .
الاستنتاج المفروض اذاً في كشف و معرفة هويّة العدو عند قيادة وابناء المنهج الصدري ، والذي يتربص بهم ويهدّد وحدتهم ، هي الشخصيات السياسية العراقية ،وفي مقدمتهم قادة الاطار التنسيقي وجمهور الاطار التنسيقي ! كل الدلالات التي تُفيض عبر بيانات السيد الوزير العراقي ،والناطق بأسم التيار ،تُشير الى ان هولاء( واقصد قادة التيار ) هم الاعداء !
بَيدَ أنّ هولاء وغيرهم من السياسيين هم شركاء في الوطن وفي العمل السياسي ،ولا يمكن بأيّ حال من الاحوال ، أنْ يكونوا اعداء .لا يمكن ، دستورياً وقانونياً و شرعاً ، وصفهم و التعامل معهم على انهم اعداء .
هولاء خصوم ومنافسين .. نعم ، ولكن ليسوا اعداء .
الترويج فكرياً و اعلامياً و جماهيرياً بانهم اعداء هو امرُ خطير ، ويقود الوطن الى منزلق خطير . الجميع ،ومهما اختلفت انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم السياسيّة و معتقداتهم ومكّوناتهم هم شركاء في الوطن ومحكومين وفقاً للدستور والقانون والنظام العام .
ينبغي ان تكون مفردات الخطاب السياسي مُعّبرة عن التزام اخلاقي و دستوري و قانوني ، و ان تكون هادفة وغير تحريضيّة ، وتتماشى مع هدف الاصلاح المنشود من قبل السيد الصدر . و أصلاح النفوس و السلوك و تهذيبهما هو الوسيلة الاساسيَة لمحاربة الفساد . الخطاب السياسي خطاب موّجه لعامة الناس و مُراقبْ اعلامياً و خاضع للمراجعة والتقييم دولياً و إقليماً ، ويُعتبر مؤشر على النضج السياسي وعن توجهات مُتبني الخطاب .
https://telegram.me/buratha