المقالات

الموت ولعنة الأيديولوجيا

1118 2022-09-07

حمزة مصطفى ||

 

مات ميخائيل غورباتشوف (الزعيم السوفياتي) عن عمر ناهز الـ 92 عاما, ومات سامي مهدي (الشاعر العراقي) عن عمر ناهز الـ 80 عاما. كلاهما مع إختلاف مهنة كل واحد وظروفه مثل زهير إبن أبي سلمى أحوج سمعهما "الى ترجمان". وبينما كانت حاجة بن أبي سلمى الى ترجمان فقط  فإن حاجة كل من غورباتشوف وسامي مهدي تحكمها سياقات أخرى بسبب الفارق بين عصره وعصرهما.  لم يشفع العمر المتقدم للشاعر سامي مهدي والمتقدم جدا للسياسي غورباتشوف من أن تنالهما بالنقد والتجريح المواقف والآراء والرؤى   المتشابكة, المتضاربة, المتقاطعة حد التناقض والتقاطع والإشتباك الحاد في كل شيء بدء مما هو شأن شخصي بل شديد الخصوصية الى عام يتعلق بالإبداع شعرا ونثرا وهو ماكانه الشاعر الراحل سامي, أو سياسة ومواقف وهو ماكانه غورباتشوف.

كلا الراحلين وقد رحلا عن دنيانا في وقت متقارب كانا ومازالا ضحية الأيديولوجية او لعنتها إن جاز التعبير. فيما يتعلق بخصوم سامي مهدي أو كارهيه الذين فرخ الكثير منهم فجأة بعد موته لم  تشفع له شاعريته التي لايختلف عليها إثنان بقطع النظر عن كونها  تقترب من شاعرية السياب أو سعدي يوسف أو أقل أو أكثر أو مابينهما, كما لم تشفع له جهوده الجادة في النقد والبحث والترجمة بصرف النظر عن أهمية هذه الجهود وقيمتها المعرفية وما أضافته الى الثقافة العراقية أو المكتبة العربية. النظرة بدت مسبقة لجهة البدء بجلسات محاكمة سامي مهدي ولايزال جسدا مسجى بإنتظار الدفن على مواقع التواصل الاجتماعي ومن لدن جمهرة من الادباء والمثقفين ممن نصبوا أنفسهم قضاة يحاكمون ويحكمون عليه وفق أدلة جاهزة أبرزها بل في المقدمة منها الإنتماء الأيديولوجي. أما لوائح الإتهامات فتبدأ من وقائع يثير بعضها الشفقة والسخرية مثل تهمة هي الأسخف من نوعها    "ساعة مسروقة" أو إرتداء السفاري أو بدانة مفرطة أو ماشاكل ذلك من قصص وحكايات. كل ذلك وأكثر قيل عن سامي مهدي الذي كان لا "يحل رجل دجاجة" حتى على صعيد إنتمائه الأيديولوجي بالقياس الى وداعته ودماثة خلقه وإنصرافه حتى في ظل الأيدولوجيا التي يعتنقها الى مشغله الإبداعي شعرا ونثرا. ومع أن معظم محبي سامي مهدي ممن حضروا مجلس فاتحته المتواضع تذكروا حكاية القاضي وبغلته, لكن سامي رحمه الله لم يكن قاضيا لكي يفجع ببغلته التي حضرت فاتحتها "أمة الثقلين" بينما حين يموت يدرك أن لايحضر فاتحته أحد. لكن على مدى يومين حضر فاتحة سامي مهدي جمع من الناس والأدباء لايهمهم القاضي الذي "يتلوك" له الناس حيا ويعافونه ميتا بل أكاد القول إنها طبقا لعزلة سامي مهدي المعروفة لكل الناس تعد من أضخم الفواتح إذا قورنت بمعادلة القاضي والبغلة.

أما غورباتشوف الذي راح ضحية فهمه للإصلاح إن كان على مستوى الشفافية أوإعادة البناء طبقا للظروف الدولية والمحلية المحيطة به آنذاك فإن موته فجر بحقه أيضا لعنة الأديولوجيا التي لم يكن متمسكا بها شأن أسلافه وبالذات آخر عجائز الإتحاد السوفياتي. ولعل معادلة القاضي والبغلة  إنطبقت عليه تماما بحيث لم يحضر جنازته أحد بمن في ذلك .. فلاديمير بوتين.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك