د. جواد الهنداوي ||
سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
في ٢٠٢٢/٩/٧ .
لم يكْ قرار المحكمة الاتحادية العليا ، الصادر بتاريخ ٢٠٢٢١٩/٧ ، والقاضي برّد دعوى حّل مجلس النواب مُفاجئاً . جاء القرار متطابقاً مع الاحكام الدستورية و القانونية ، وجاء مُعبراً عن موقف رفض المحكمة اتخاذ قرار تراعي ،بموجبه ،الظروف السياسية وعلى حساب الاحكام الدستورية والقضائية . حافظت المحكمة بقرارها على هيبتها ومكانتها ، وعلى ما تبقىٰ من هيبة ومكانة الدولة والقانون .
القرار سيكون بداية حكم دستوري ، موفّق جداً ، و سابقة دستورية مفادها : " لا تسيس لقرارت المحكمة مهما بلغت حالة الانسداد السياسي " . القضاة لا يحّلوا محل السياسيين والنواب في أداء واجباتهم وحّل مشاكلهم . مصلحة الدستور ومصلحة الوطن و مصلحة الشعب اهم من مصلحة السياسيين!
برّرت المحكمة قرارها بثلاث حُجج قائمة على المادة ٦٤ والمادة ٩٣ من الدستور ، شكّلت هذه النصوص اساس القرار او الحكم ، كما اجتهدت المحكمة في ارسال رسائل عديدة ، وفي تبني عبارات لها دلالاتها واثارها الدستورية البليغة ، والتي ،هي في الحقيقة ، مبادئ دستورية ،ينبغي الترويج لها وتكرار ذكرها حتى يستوعبها النائب والسياسي والمواطن : مِن هذه العبارات ،على سبيل المثال " وحيث ان اعضاء مجلس النواب ،بعد انتخابهم ،اصبحوا لايمثلوا انفسهم ولا يمثلو كتلهم السياسية فقط ، وانما يمثلون الشعب …" .كما اشارت المحكمة الى تقصير مجلس النواب " حين ذكرت " مجلس النواب لم يقمْ بواجباته الدستورية بخصوص تشكيل السلطات التنفيذية بشقيها رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية بسبب الخلافات السياسية … مما اثّر وبشكل كبير على مصالح الشعب " .
لم تمّرْ المحكمة الاتحادية في قرارها " مَّرَ الكِرام " على ما يريده و ما فعله التيار الصدري ،حيث " رمتْ حجاره في حديقته" مثلما يقول " مثل فرنسي " حين ذكرت : " أنَّ الاختلافات بين مؤوسسات الدولة او الكتل النيابية لاتُحسمْ بفرض الرأي الاخر ، بل عبر المؤوسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية الفاعلة …"
دعا القضاة في قرارهم مجلس النواب للقيام بواجباته تجاه الشعب والوطن ، و من اهم تلك الواجبات هو قيامة بتشكيل السلطة التنفيذية بشقيها ( رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية ) . اليوم ، وبعد قرار المحكمة ،لم يعدْ عذراً لمجلس النواب لتفسير تأخّره في عقد جلسة لتسمية رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء ، و على عاتق الكتلة البرلمانية الاكثر عدداً تفعيل الخطوات الدستورية اللازمة لتشكيل السلطة التنفيذية.
أنّ ايّة تأخير في مبادرة الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً لتسميّة مُرشحها و الاسراع في عقد الجلسة للتصويت عليها، ومنحه الثقة يعتبر تقصير وخطأ نيابي و يُعدْ امراً مخالفاً لقرار المحكمة .
ذكرت المحكمة و بصراحة أنَ التاخير في تشكيل السلطة التنفيذية هو اضرار في مصالح الشعب وفي أمن و استقرار ومكانة الدولةً. يمكن للكتلة النيابية الاكثر عدداً من الضغط على الكتل النيابية الاخرى من اجل الاسراع في تسمية رئيس الجمهورية ، و التصويت على ر. مجلس الوزراء .