المقالات

وماذا بعد زيارة الاربعين ؟


محمود الهاشمي ||

 

شهدت زيارة الاربعين هذا العام تطورا لم تشهده من قبل ،سواء في عدد الزائرين او في  عدد المواكب وكذلك في عدد الزوار الاجانب المنتمين ل(80)دولة ناهيك عن التنظيم والنشاطات والفعاليات التي رافقت طريق الزائرين والاعلام الذي غطى الزيارة بمهنية وحماس كبير .

هذه الشعيرة  التي ربما هي الاكبر بالعالم تؤديها الشعوب ،قد انتهت مراسيمها ،وسيعود  الزائرون الى منازلهم ودولهم وترفع المواكب وتخلو الطرقات

فيما يبقى التساؤل الاكبر ؛-وماذا بعد زيارة الاربعين ؟

هذه الشعيرة تؤدى في بلد غابت فيه الخدمات وعشعش فيه الفساد الاداري والمالي ليحصد جائزة الثاني عالميا ،

كما غابت مشاريع الاسكان والبنى التحتية والمعامل والمصانع وفرص العمل .

الزيارة هذا العام انتهت لننتظر عاما

اخر نواجه فيه ذات الازمات ،وفي مقدمتها (الازمة السياسية ) حيث يبدو السياسيون

الذين اجلوا جميع مواعيدهم الى مابعد (الاربعينية ) في "مراوحة تامةٍ " فلم يتعظوا من شيخ ولامن طفل ولا من شاب شارك بالزيارة وهم يتفانون من اجل انجاحها بعد ان بذلوا مالهم وراحتهم وسخروا اسرهم في خدمة ابي عبد الله الحسين (ع)!

زيارة الاربعين هي جزء يسير من الوفاء لابطال ثورة الطف الذين قالوا كلمتهم عند سلطان جائر ونالوا شرف الشهادة من اجلها

رجالا ونساء وصولا الى الاطفال الرضع والكهلة .

هل سنعود بعد الزيارة لنمارس مهنة الكذب والرياء والتآمر على بعضنا البعض والى الوشاية وسرقة المال العام والخاص ،ونمارس القتل والنهب والخطف ؟

هل سنعود الى دوائرنا ونعمل بالاقل من الوقت ؟هل سنغل ايدينا ونمنع الصدقة والماعون ،وننزعج من طرقة باب لفقير ؟

هل سنشهد شوارع مدننا ملأى بالنفايات ؟ 

السياسيون الذين ينتظرون انتهاء مراسيم شعيرة الاربعين هل سيعقدون جلسة مجلس النواب وينظرون بحال شعبهم بالمصادقة على الموازنة والعمل على نهضة اقتصادية والتأسي بالحسين ع وبأهله واصحابه ام سيعاودون الخلافات للبدء بالازمات التي لاحت بوارقها برفع بوابات الخضراء لتبدء "فتنة" جديدة وتراق دماء لاسمح الله ؟

لو ان هذه الحشود التي تجاوزت العشرين مليون جمعت قبضتها وهوت على رأس الفاسدين

فهل  يمكن لفاسد ان يتجاوز على مال عام او خاص.؟

لايمكن ان نكون( حسينيبن )فقط على مدى الزيارة ،ثم نعود الى مهننا السابقة ونتجرد  من قيمنا وديننا ؟

لانريد ان نشكك بناسنا واهلنا وشعبنا ،ولكن يبدو ان الناس -حقا-على دين ملوكها ،فهذي الجموع المليونية تحتاج الى (قائد )لان شعوبا غيرنا ايضا عاشوا الظلم والفساد فجاءت قيادة نظمت حياتهم وفجرت طاقاتهم واستفادت من رموزهم الدينية والوطنية فاستووا على جادة الحق والصواب وشيدوا اوطانهم .

هذا النظام الذي رافق الزيارة لو يدرس بشكل مهني لاذهل الامم الاخرى حيث بظرف عشرة ايام يدخل مدينة (20) مليون انسان فيهم الكبير والصغير والنساء والاطفال والمرضى والمعوقون فيدخلون بكل سلاسة ويعودون وهم معافون فرحون بما لقوا وماادوا من واجب مقدس .

ولكن بالامكان ان نسال الشاب الذي ينظف الطريق ويساعد المريض والعاجز ويكرم الضيف فهل هو ذاته الذي هاجم الدوائر الحكومية وعطل الدوام واعدم شابا على عمود الكهرباء ؟

العلة ليس بهؤلاء المشاركين فالعلة اننا لم ننظم امرنا ولانرقى الى نوع شعبنا الذي اذهل العالم كرما ونظاما .

لايمكن لنا ان نتهم شعبنا ب(الفساد) فالمواطن الذي يعيش في بيئة حسينية

وقياداته تؤمن بالحسين خرج من اجل (اصلاح) الامة لايمكن ان يمارس (الفساد)!

نحن من نختار السيء ليكون (حاشية) ونترك العناصر "النظيفة "ونحن من نسرق ونحث الاخرين على السرقة .

الشعب الذي ادى مراسيم زيارة الاربعين نظيفاً طاهرا مهذبا منظما يحتاج الى قائد يأخذ بيده الى مواطن النجاح ،دون ان يكذب،وهو اول الفاسدين . وحتى لانحصر ثورة الامام الحسين في حدود (الشيعة )فان جميع العراقيين يرون في الحسين ثائرا ومظلوما ومصلحا وهذا ماجاء في بيانات المسؤولين بمناسبة ذكرى عاشوراء ،وقد اثنوا عليه سلام الله عليه وعلى ثورته وتضحياته .

نريد ان نرى حسينا في سياسيينا وفي مسؤولينا ودوائرنا ومنازلنا ومدارسنا وجامعاتنا .والا ستبقى مراسيم احياء ابطالنا وقادتنا ورموزنا الدينية مجرد حالة (رومانسية )تنتهي بانتهاء احيائها .

ثقوا ان زيارة الاربعين ازعجت اعداءكم

الذين لم تمنح وسائل اعلامهم دقائق من اجل نقل وقائعها بل كانوا  يرقصون ويهللون

ويغنون .

الحسين ليس ملكا لاحد بل هو ملك لكل احرار العالم .وان اهل العراق يكفي شرفا ان ارضهم تحتضن جسده الشريف .

ونحن لانرى في قبره الشريف مجرد قبر بل نرى فيه ثورة

وكرما وتضحية واصلاحا وكما قلت؛-

(واعحب ُ ان الظلمَ يبدي ظلامَهُ

فيطردهُ. عن كوكب  الارضِ مصرعُ

وفلسفةٌ للموتٍ انتَ اخترعتها

ولم يأتها من قبلُ يوماً مشرّعُ

بان الفتى في الحربِ يهريقُ  دمُّهُ

فينبتُ هذا الدمّ نورا ويسطعُ

وانْ شكَّ مَنْ قد شكَّ انكَ ميتٌ

فقبرُكَ حتى الان يحكي ونسمعُ)

السلام عليك يااباعبدالله الحسين وعلى دمك الطاهر الذي غسل الارض من دنسها

والسلام على اهلك واصحابك وزوارك مابقينا وبقي الليل والنهار .

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك