ضياء المحسن ||
ظهر النظام الرأسمالي بعد الإنهيار الذي شهدته الإقطاعيات التي كانت متحكمة بمقاليد الاقتصاد، يتلخص هذا النظام بسيطرته على وسائل الإنتاج من قبل الخاصة، يتم من خلاله توزيع الدخل عن طريق تشغيل السوق والإنتاج، الميزة الأساسية في هذا النظام إستخدامه لرأس المال المتراكم في توسيع القدرات الإنتاجية في مجالات الإقتصاد المتنوعة والتي تعطي عوائد؛ بدلاً من إستثمار رأي المال المتراكم في المؤسسات غير المنتجة إقتصادياً.
في كتابه (مقدمة قصيرة عن الرأسمالية) يقول الكاتب (جيمس فيلتشر) ((إن الرأسمالية إستغلت العمالة لدرجة أنهم كانوا يسحبون الساعات التي يلبسها هؤلاء العمال لكي لا يعرفوا الوقت أثناء العمل، وبعضهم كان يقدم ساعة في الصباح ويؤخر ساعة في المساء للحصول على وقت أطول)).
لا يوجد نظام مالي كامل، فكما أنه يضم إيجابيات فهو كذلك يضم سلبيات ترافق تلك الإيجابيات، فمن إيجابيات الرأسمالية توفيرها للخدمات والمنتجات التي يحتاجها الأفراد بأسعار تتنافس الشركات المنتجة على أن تكون منخفضة لزيادة مبيعاتها، بما يؤدي الى إبتكار وسائل إنتاج أساليب جديدة في الإنتاج تقلل من التكاليف وتزيد الأرباح، في المقابل فإن من سلبيات هذا النظام أنه لا يوفر منافسة متساوية ومتكافئة خاصة لأولئك الذين لا يمتلكون الدعم الكافي والتعليم بالإضافة لكبار السن والمعوقين، ما يعني حرمان المجتمع من مهارات كثيرة يمتلكها هؤلاء، كما أن واحدة من سلبيات الرأسمالية إستنفادها للموارد الطبيعية وتلويث البيئة والتغيرات المناخية بما يتسبب في تقليل جودة الحياة الطبيعية.
من هنا يتأكد لنا فشل النظام الرأسمالي كما فشل من قبله النظام الإشتراكي ونظام الإقطاعيات في العالم، ولابد من التفكير ببديل يكون أنجع للإقتصاد، إقتصاد يعتمد التعشيق ما بين جميع هذه الإقتصادات بما يتيح المجال للإستفادة من الثروات الطبيعية بتوازن، وإستثمار الطاقة لدى الكثير ممن لم تتاح لهم الفرصة لإبراز طاقتهم في خدمة المجتمعات التي يعيشون فيها، وليس هناك نموذج أفضل من النموذج الاقتصادي الإسلامي الذي يجمع بين كل هذه الأنظمة، والتي تتحدث بطون الكتب الإسلامية المتخصصة في الاقتصاد، عن مستوى الرخاء التي كان يعيش فيها الأفراد أيام الحكم الإسلامي.
يعتمد النظام الاقتصادي الإسلامي على الدمج بين الملكية الخاصة والعامة بما يمكن تسميتهما بالملكية المزدوجة، ويمنح لكل منهما مجالاً لتعمل به لتحقيق المصلحة الفردية والجماعية في ذات الوقت، مع الأخذ بنظر الإعتبار تقديم مصلحة المجموع في حال وجود تعارض بينهما، وهو ما يطلق عليه بتقييد الحرية الاقتصادية عن طريق إيجاد ضوابط تحدد طرق كسب المال الحلال وإنفاقه، وهذا يناقض النظام الرأسمالي الذي فتح الباب واسعاً أمام طرق كسب المال (حلال أو حرام)، وحتى وسيلة إنفاق هذا المال، بالإضافة الى أن النظام الإسلامي يتعارض مع النظام الإشتراكي الذي صادر حرية التملك وحصر الملكية في النظام الحاكم في ذلك البلد.
لقد عمل النظام الاقتصادي الإسلامي من خلال نظريته الاقتصادية المستنبطة من القرآن الكريم على تحقيق عدة أمور، الأول يتمثل في ضرورة قيام مشاريع إقتصادية تتوافق مع مبدأي الحلال والحرام والقيم الأخلاقية، والثاني أن الدولة تتكفل في حالات الإحتكار التدخل لحماية المصالح العامة للحد من الممارسات الخاطئة التي تصدر من الأفراد في حال ممارسة أنشطة إقتصادية لا تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والثالث تربية المسلم على أن يتخلص من الأنانية وتفضيل المصلحة العامة على مصلحته الخاصة.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha