علي عنبر السعدي ||
سايكولوجيا الطاعة وايدلوجيا التعصب
- الكثير من العنف للقليل من السياسة
- التعصب والغلو في الجماعات السياسية
- جميع الحركات – الدينية منها ، أو الاصلاحية ، أو الايدلوجية ، جعلت من الطاعة محورها الأساس .
- لايختلف البشر على جوهر الطاعة ، بل على شكلها .
- التصوّر في السماء ، عن المعبود في الأرض .
- أولى الحركات لآخر المعتقدات .
عرفت العبودية في التاريخ البشري ، بكونها إكراه الضعيف على طاعة الأقوى ، واكراه من لايملك ، على طاعة المالك.
لقد قطعت البشرية في ذلك المعنى للعبودية الطاعة، أزمنة طويلة ، كان المستعبد فيها يفقد الكثير من معالم انسانيته ، لكنه في المقابل ،يعيش في كنف راع قوي ،يؤمن له مصادر عيشه الأساسية ، ومسؤولية مواجهة الحياة.
كان ذلك الشعور قد بدأ بالتراكم بشكل متناقض ، فبين الإكراه في الحياة لطاعة الأقوى ، وبين الخضوع في السماء للإلهة ،تمزق الإنسان ، ليصل بالنتيجة ،ان الطاعة شأن إلهي ونوع من "الامتياز" لاختبار صبره وتحمله ، كما انها ضرورية للانتظام في جماعة .
وهكذا تراكمت الطاعة لتصبح عبودية ، وتراكمت العبودية لتصبح قدراً ،يتقبله الإنسان طائعاً ،فهو أمر السماء الذي لايستطيع له رداً ، ولأنه لايرى الاله السماوي ،لذا استعاض عنه بصنم هائل الضخامة ، ليكون شعور الحماية أكبر والعبادة أكثر إلزاماً .
ومع توالي الأزمنة وثبات الحال ، ورغم اقرار بعض القوانين التي تجعل من الطاعة المطلقة ، شكل حياة ونظام اجتماعي ، الا ان الطاعة ،تحولت الى تكوين نفسي دخل في كينونة الفرد ذاتها وتحولت الطاعة الى انصياع ذاتي عميق التأثير، لايستطيع الانسان منه فكاكاً .
عدم قدرة الانسان الفرد على مواجهة مصاعب الحياة المتشابكة ، كانت الباعث الأول للطاعة ، وتلك الحيثية التي بنيت عليها كلّ المعتقدات والأديان من جانب ، والثورات والحركات – العنفية وغير العنفية - من جانب آخر ،وكلها تنطلق من " إلزام الطاعة ".
صرخات الحرية التي سجلها التاريخ ،كانت في جوهرها ، ضد أسياد سابقين ،لخدمة أسياد لاحقين ، فلقد تحولت الطاعة جوهراً محورياً وسإيكلوجيا سالبة ،صهرت الانسان في مطحنتها الكبرى ، وتوالت عليه مقولات ، اضافت عليه تحديات جديدة ، وزينت له المزيد من موجبات الطاعة والخضوع.
العقل الذي يفترض ان يجعل الأنسان يميز بين مايحيط به ،أصبح عبئاً بدوره ، لكثرة ماتوالى عليه من الضربات ، وفي هذا المنعطف من مسار البشر، ظهرت الأديان السماوية ، التي جاءت برسالات يقينية ،تحمل تعاليم محددة على الانسان سلوكها ، يحملها رجال مختارون ومرسلون لإنقاذ الانسان من التيه ، لكن عليه طلب المغفرة لكل ما ارتكب وما لم يرتكب ، مع الاستعداد للطاعة المطلقة .
طالبته الأديان الا يكتفي بطاعة الله وحسب ، بل عليه ان ينقل طاعته كذلك الى الرسول ثم اولي الأمر، وهكذا اكتملت حلقات الاحاطة بالعقل البشري ، ولم يبق له من خيار ،سوى انتقاء (شخص ) الطاعة ، ونوع المعبود .
أخطر الأفكار ،هي القادرة على اكتساب الأنصار، مع قدرتها على سلب متطلبات الوعي واختيار مناسيب الحرية ، وأخطر مافيها ، انها تجعل الانسان يسلّم نفسه طائعاً ، وهو يعتقد انه اختار بشكل حرّ وعقل مكتمل .
تلك هي المقدمة ،التي يمكن اتخاذها كمنصة للدخول في بعض تفاصيل الطاعة وما تمخض عنها ، من طاعة الخالق ،الى طاعة المخلوق ، ثم الانتقال من الطاعة الى الاستلاب ، والاستعداد للتضحية بالنفس من أجل معبود متجسد في صورة شخص يحمل فكرة متوحشة ، أو فكرة متوحشة تتلبس شخصاً .
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha