منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح
ما آل اليه الحال في التأسيس لطبقية المجتمع فينا بين أسياد وعبيد وتابع ومتبوع وخادم ومخدوم حتى تشرعن الظلم فصار من البديهي لدينا ان يكون هناك ظالم ومظلوم وقاتل ومقتول وسارق ومسروق وناهب ومنهوب . ما يندى له الجبين وما يزيد الطين بلّه إن الجميع يعرف الظالم ويعاني من قسوة ظلمه ويعرف المظلوم ويتأسى لمظلوميته .
والجميع يعرف السارق ويدري بهول سرقاته ويعرف المسروق ويدرك كم يعاني لما فقد من ماله وحاله . ويعرف القاتل ولا يتعرض له او يسائله ويعرف المقتول وقد يقرأ او لا يقرأ سورة الفاتحة عليه . يعرف الناهب ويشدوا له تملقا ويعرف المنهوب ويدعوه للصبر والإنتظار عسى ولعل !! المشكلة والإشكال ليس في من يعرف فاغلب العارفين بين مغلوب على أمره لا حول له ولا قوة وبين جاهل وساذج او هو رهين طبع في التمسكن والتعايش مع الذّل والإذلال . لكن المشكلة والإشكال الذي يتوقف في أعتابها البصير عند كل ذي عقل وبصيرة هي في الظالم المعروف والسارق المكشوف والقاتل المفضوح .
هذا هو بإختصار ما يتوافق بنسبة مئوية كاملة مع اغلب من يحمل صفة المسؤول مع اختلاف الدرجات في المسؤولية نزولا من القائد والزعيم الى النائب والوزير وانتهاء بالمدير وما حولهم وما بينهم .
هي وجهة نظري الشخصية في مال اليه الحال عند هؤلاء المسؤولين الظالمين والفاسدين والقاتلين والناهبين والمأجورين جمعا وحصرا مع احترامنا لمن يستثنى منهم في ثلة من الأولين وقليل من الآخرين .
أغلب من صار قائدا او زعيما او مسؤولا لدينا في ليلة وضحاها او في أمر دبر بليل إن لم يكونوا جميعهم قد كانوا قبل التبوأ بالمنصب لاشي فصاروا شيء بل ان بعضهم من ارباب السيادة والقيادة صار كل شيء .
كانوا لا يملكون شيء وإذا بهم يملكون كل شيء . خدم وحشم وقصور وأحوال وأموال من السحت الحرام . وجدوا انفسهم فجأة تحت تداعيات الصدمة . وأي صدمة تلك التي لا تحتملها العقول ولا تدركها ولا تستطيع ان تحتويها . صدمة تحولوا تحت تأثيرها الى اشبه ما يكونوا بالمدمنين تحت تأثير المخدرات .
صار كل منهم مدمن بالتمام والكمال واشبه ما يقال عنه ( مكبسل) . يتصرف خارج وعيه ويتحدث بعيدا عن ميزان العقل فلا دراية ولا علم ولا حياء .
لا يشعرون بمعاناة الناس وآلام الفقراء ولا يسمعوا صراخ المستغثين او آهات المظلومين .
لا يخجلون ولا يستحون وليس لديهم شيئا من الإحساس أو بقايا من حياء . لا يعرفون الفرق بين حلال او حرام او عيب او معاب . إنهم ( مكبسلون ) بالجملة مخدرّون بالجملة .
لم يعد يستفزهم او حتى يغيضهم ما يتعرضوا له من سّب او شتم او اهانة . كل شيء لديهم امسى طبيعي اعتيادي معتاد مستساغ .
سبحان الله الذي يمدّهم في طغيانهم يعمهون .
انهم مساكين يستحقون الشفقة بعدما ظنوّا أَنّ الله يملي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا هو جلّ وعلا نيمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ .
فليبقوا في إدمانهم وسكرهم لأنه وعد الله الذي وعدهم ان لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha