حافظ آل بشارة ||
الاعلام العراقي منشغل هذه الايام بفضيحة سرقة 3.7 ترليون دينار من قبل شركات ، واعتراف وزارة المالية بالسرقة ، واذا كان الحديث عن السرقات فالقضية ليست قضية سرقة 3 او 4 او 5 ترليونات بل هي قضية خلل في التسميات واللغة ، فالنظام العراقي الحالي هو في تعريف الانظمة السياسية هو نظام المافيات ، وهو نظام قائم بالاصل على اقتسام اموال البلد وثرواته بين الاطراف الحاكمة ، وهدف هذا النظام هو جمع الاموال والامتيازات وتكوين طبقة رأسمالية ، واغلب الصراعات الجارية في البلد هي صراعات لأجل اقتسام الثروة ، اذن لا يمكن التحدث عن سرقة اموال فهي ليست سرقات بل هي سياق رسمي وشرعي عام في عمل المافيات الحاكمة ، ومن يتحدث بهذه اللغة فهو بعيد عن الواقع ، خاصة عندما يدخل ضمن الحديث تسميات مثل (هيئة النزاهة) او (الادعاء العام) او (مكافحة الفساد) وغير ذلك ، ولتوضيح القضية اكثر فالاعلام الآن في حديثه عن (السرقات) يشبه موقف واحد يلقي خطابا في شركة لصيد الاسماك ويدعو في خطابه الى ايقاف صيد الاسماك ! ويعدها جريمة وهو يعلم انه العمل الوحيد للشركة ، فمواجهة قضية توزيع اموال البلد بين المافيات هي دعوة لتغيير النظام السياسي المافيوي ، وهذا موضوع آخر مختلف تماما عن موضوع مكافحة الفساد ، فالبلد ليس فيه فساد بل فيه نظام مافيات مرتكز اساسا على تقاسم الاموال . واذا حدثت يوم تظاهرات غاضبة شعارها (ضد الفساد) او اذا استخدم طرف سياسي مليشياته ضد الاطراف الاخرى فهذا كله يعني ان هناك خلافات بين المافيات في توزيع المغانم ، طبعا معارك المافيات تستخدم فيها شعارات مثالية للتغطية على حقيقة الصراع ، لكن الشعب يعرف هذه الحقيقة ، والمافيات تعرف من هي وماذا تفعل ، والدول المحتلة للبلد ايضا تعرف كل شيء ولها حصصها ، اذن هذا الاعلام الذي يتحدث بطريقة اعلام الدول الطبيعية العادية من هو الذي يديره ومن هو جمهوره وماذا يريد؟
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha