لا أدري من أين أبدأ حكاية القرابين التي قدمها الناس من مختلف المدن الإيرانية. في عصر يوم الأربعاء الماضي الموافق ٢٠٢٢/١٠/٢٦ م كان الناس في هدوء وطمأنينة يؤدون الزيارة والصلاة والذكر والدعاء ،وفجأة علا صوت الرصاص وكسر ذلك الصمت. دخل أحد الدواعش إلى الحرم ،بعد أن قتل الحرس أو الخدم في أحد المداخل.ثم أخذ الإرهابي يمارس هوايته في إطلاق الرصاص بشكل جنوني على النّاس الآمنين ،ولا يفرق بين النساء والرجال والأطفال . بعد سبع دقائق أسفر المشهد الدامي عن مقتل (١٥) شهيداً، و(٣١)جريحاً تقرّب هذا المجرم بدمائهم إلى الله: ويُكبرون بأن قُتِلتَ وإنّما*** قَتلوا بك التكبيرَ والتهليلا . إنّ المرء ليتحيّر أمام هذه الهرطقة المذهبية التي تُجيز قتل الأبرياء وتسلب عنهم حق الحياة بعد أن وهبها الله لهم ؟! لقد كان الطفل الرضيع (راستين) نائماً،وقطع عليه ذلك الإرهابي نومه الهانىء،حيث كان راقداً إلى جانب أمه المشغولة بالصلاة،وفتح الطفل عينيه فزعاً من صوت الرصاص الذي ملأ المكان، ولم تأخذ ذلك الإرهابي رأفة به ولا بأمه فأطلق عليهما الرصاص،واستشهدا على الفور. نعم هذه هي بطولة ورجولة الدواعش !!! قصة وغصة أخرى حيث كان السيد (علي رضا سرايداران) قد خرج مع زوجته وطفليه (آرشام وآرتين ) إلى السوق، وصادف أن إقترب موعد صلاة المغرب ،فذهبوا إلى حرم (شاه چراغ)وكان ( آرتين )يلعب ويتردد في حركة دائبة بين أهله، ولما أرادوا ان يخرجوا من الحرم الطاهر ،ظهر ذلك الإرهابي المجرم فخطف أعمارهم ،وقتلوا جميعاً إلا الطفل (آرتين)؛ فقد أصابه الرصاص في راحة يده اليسرى وأصابعه . يا له من مشهد مقرح أن يشاهد هذا الطفل مبكراً عائلته وهم مضرجون بدمائهم . يا إلهي كأنّ صورة الكرب العظيم ومضضه الذي نزل بساحة هؤلاء يريد أن يُذكرنا بصورة من مأساة كربلاء. العباءة أو ( الچادر)الملطخ بالدماء، وإلى جانب ذلك المرأة المقتولة بقرب طفلها (آرشام) ،وإلى جانبهما ربّ الأسرة ،وطفل مجروح يصرخ هلعاً وألماً . الطفل ( آرتين) مع أنه شاهد مقتل أهله، لكنه لا يدرك أنّه أمام حياة صعبة ليس فيها( أبوه وامه وأخوه ). وسألت مراسلة ايرنا الطفل وهو راقد في المستشفى( منو كان معاك عندما حصل الحادث؟ فأجابها ببراءة وبتعبير الأطفال : (رمونا بالرصاص ) ،وأعادت عليه السؤال منو كان معاك بالزيارة، فأجابها: امي ،أبوي وأخي) وسألته ماذا كنت تفعل وحصل هذا الحادث لك ؟ فقال :ردنا نذهب للسيارة ورمونا ،ثم أشار بعينه إلى يده التي أصابها وابل من الرصاص. ثم سألته المراسلة بلطف:( هسه أنت صرت زين ؟ لم يجبها الطفل وصرف وجهه وكوّر جسده). لم يبق لهذا الطفل من عائلته بعد الحادث إلا اخته والتي كان من المقرر أن تتزوج بعد عشرة أيام، لكنها وجدت نفسها في محنة غيرت مجرى كل شيء في حياتها . كان هناك طفل آخر إسمه علي أصغر عباس لري گوییني ،وهو من اهالي قضاء سيرجان التابع لمحافظة كرمان، وهو تلميذ في الصف الثاني الإبتدائي وهناك شبل آخر إسمه : محمد رضا مهدي كشاورز وهو طالب في الصف الرابع العام لاشك أن هؤلاء سيبقون في ذاكرة أصدقائهم وأهلهم ومدينتهم ومدارسهم،ويذكرونهم في أثناء ذكر الحضور والغياب . إنّها قصص موجعة قد جرت أحداثها في إيران وربما تقع حوادث أخرى مشابهة لها في بلداننا . لقد تغافل الإعلام الأسود عن سرد هذه الحادثة،وحاول ما وسعته المحاولة أن يقلل من شأنها وأبعادها المأساوية والإنسانية،مع العلم أن هذا الإعلام المعادي قد فتح الباب أمام الإرهاب ببرامجه التضليلية،والتي تلتقي بأهداف الإرهابيين ومن يقف ورائهم . إنّ الإعلام الموضوعي هو الذي يتناول القضايا بمهنية،وأظن أن هذه الحادثة الإرهابية لها وقع في النفوس ،ودلالات تتعدى الحادثة المفتعلة للسيدة مهسا اميني والتي استغلها الإعلام الأصفر في زعزعة الأمن والإستقرار في إيران .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha