قاسم سلمان العبودي ||
ولدت حكومة السيد السوداني من رحم أزمة سياسية واقتصادية خانقة ، هي الأكبر والأخطر في تأريخ العراق السياسي منذُ عام 2003 الى ما قبل تشكيل الحكومة .
لذلك نرى أن مشروع أصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد وبناء ركيزة الدولة جاء على أنقاض سياسة فاشلة ومأزومة أدارها بمنتهى الفشل الرئيس السابق مصطفى الكاظمي . نرى لحد هذه اللحظة ، أن الكتل السياسية قد فوضت السوداني تفويضا مطلاقاً بأتخاذ القرارات التي من شأنها محاربة الفساد الذي أصبح ( سبة ) حكومية وعادة دأبت عليها المفاصل الحكومية بشكل مخيف .
مشروع السوداني مشروع بناء دولة ، وهذه الدولة بحاجة الى جهود الجميع حتى من الممكن نوقف عملية سرقة المال العام في أقل تقدير ولو مرحلياً . أن نجاح السوداني في كبح جماح الفساد يُعد بحد ذاته نجاح على مستوى أقتصادي .
هذا النجاح مرتبط بطريقة وأخرى مع الوضع العام الأقليمي والدولي . هناك دعم واضح من قبل المنظومة الأممية العالمية وحتى الأقليمية ، فضلاً عن الوفرة المالية الجيدة والتي من الممكن أن تكون عاملًا من عوامل نجاح السيد السوداني . نعتقد أن الضروف مهيئة للأصلاح في ظل الطلب على النفط العراقي بسبب الحرب الروسية الاخيرة مع أوكرانيًا . بمعنى أن اللاعب الرئيسي الخارجي داعم لحكومة السوداني من أجل الحصول على مصادر الطاقة .
لم يمض سوى أيام على تنسم السيد محمد شياع السوداني منصب رئيس الوزراء حتى لمس المواطن بأن هناك جدية في الأصلاح ، وبانت ملامح خيوط العدالة الأجتماعية التي ذهبت في فترة حكم الكاظمي . أن ألغاء الأوامر الديوانية السابقة ، وكشف رؤوس الفساد وأحالتهم الى القضاء ، رمم ولو جزئيا العلاقة بين الشعب والمنظومة السياسية التي ذهبت أدراج الرياح ، وبسببها عزف المواطن عن الذهاب الى صناديق الاقتراع ، مما أحرج الأحزاب السياسية كثيرا.
التحكم بالمفصل الأمني ، وتنظيف الأجهزة الأمنية من الشوائب التي عمل عليها الكاظمي في الفترة السابقة بمنح المناصب الى أشخاص غير مهنيين وغير كفوئين هو رافد آخر يصب في عملية بناء الدولة ، فضلاً عن صيانة المؤسسة العسكرية والحيلولة دون العبث بها من قبل القائمين عليها . كما أن تفعيل دور المفاصل الرقابية على عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية سيبعث رسائل أطمئنان الى الشعب العراقي الذي لحقت بهِ الهزائم النفسية بسبب الأدارات الفاشلة السابقة .
سينجح مشروع السيد السوداني عندما يرى الشعب المستضعف بملفات الفساد وداعش والأحتلال الأمريكي والتركي ، ملتف حوله قيادته التي وضعت نصب عينيها مصلحة الشعب العراقي وجعلتها أولوية وطنية قصوى ، وخصوصاً عندما تكون هناك قرارات تمس حياة المواطن مثل خفض قيمة الدولار أمام العملة الوطنية وبناء أقتصاد قوي يرتقي بشرائح المجتمع الذي تضرر كثيرا .
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha