الشيخ محمد الربيعي ||
و أنا اقرأ في السيرة المباركة الشريفة ، لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( ع ) ، ابنت الخاتم الرسل محمد ( ص ) ، التي نشهد انها جاهدت في الله حق الجهاد ، كنت ادقق بتمعن بالعبارة ( السر المستودع فيها ) ، اي بالزهراء ( ع ) ، الواردة في الدعاء ( اللهم بحق فاطمة و ابيها و بعلها و بنيها و السر المستودع فيها ) ، كثيرا دققت وتأملت بعبارة ( السر ) من جهة كلمة السر و من جهة كلمة ( المستودع فيها ) ، فنجد بالتدقيق الظاهر بحسب مستوانا البشرية البسيط ، ان ذلك ( اي السر ) ، ليس عرضي مضافا الى ذات ، بمعنى هو ليس بمقام المثال ، جعلت سرا عند فلان فيكون السر شيء و فلان شيء اخر ، بل هو سر في الذات فيكون السر و الزهراء ( ع ) شيء واحد لا ينفصلان ابدا ، فتكون الذات الشريفة هي السر ، و لذلك ، عبر عنه ( بالسر المستودع فيها ) ، و لم يعبر عنه ( بالسر المستودع عندها ) ،
محل الشاهد : و تكون بذلك الزهراء ( ع ) هي السر و ليس المعنى هناك سر تخفيه ، بل هي ( السر غير مكتشف حقيقته ) و مكنونه و ما هيته الى العوام البشرية . فمن هنا نقول : ان فاطمة الزهراء ( ع ) ، لا يمكن لأقلامنا ان تحدد عالمها و مقاماتها و جوانبها ، نعم قد نكتب و نبحث و ندقق و نستنتج بحسب المستوى الفكر البشري ، الذي اجزم حتى على هذا القدر منه ، قد نبخس حقها و لا نعطيها كامل قدرها و مقامها الشريف . و لذلك ، و لهذا السر الذاتي كانت فاطمة الزهراء ( ع ) هي ( حجة الله على التسعة الائمة المعصومين من ولد الامام الحسين بن الامام علي ( ع ) ، كما ورد بالحديث عن الامام الحسن العسكري ( ع ) ( نحن حجج الله على خلقه و جدتنا فاطمة حجة علينا ) .
للعلم و تنويه مهم جدا ....
أن هذا الحديث لم نرَ له سنداً في أي كتاب من الكتب المتداولة و لم يروَّ عن أي معصوم من أهل بيت العصمة ، و لكن وجدناه مكتوباً في كتاب فاطمة بهجة قلب المصطفى تحت عنوان ( دعاء التوسل بها عليها السلام ) حيث رواه مؤلف الكتاب الشيخ الهمداني بقوله : سمعت شيخي و معتمدي أية الله المرحوم ملاّ عليّ المعصومي يقول في التوسل بالزهراء عليها السلام « الهي بحق فاطمة و أبيها و بعلها و بنيها و السر المستودع فيها ...» ( ص 252 ) . و أيضاً و جدنا هذا الدعاء ضمن الوصايا المهمة التي أوصى بها آية الله المرعشي النجفي أبناءه بالمداومة على قراءته و بالخصوص ابنه الكبير حيث يقول : ( و أوصيه ـ أي ابنه الأكبر ـ بمداومة قراءة هذا الدعاء الشريف في قنوتات فرائضه ... اللهم أني أسألك بحق فاطمة و أبيها و بعلها و بنيها و السر المستودع فيها أن تصلي على محمد وآل محمد و أن تفعل بي ما أنت أهله و لا تفعل بي ما أنا أهله ...»( كتاب قبسات من حياة سيدنا الاستاذ المرعشي النجفي رحمه الله : ص 124 ) .
و لقد ذكر مؤلّف هذا الكتاب السيد العلوي : إنّ هذا الدعاء قد تلقّاه السيد المرعشي في ضمن الوصايا المهمة التي أعطاها الإمام المهدي ( عج ) للسيّد المرعشي في إحدى تشرفاته بلقاء الإمام ( عج ) .
محل الشاهد : فما أعظمه من دعاء بحيث يذكره السيد المرعشي النجفي ( رحمه الله ) في ضمن وصاياه المهمة التي أوصى بها ، و أي فضيلة لهذا الدعاء و التوسل بحق فاطمة الزهراء ( ع ) كي يَكونَ من أهم الأدعية في قنوتات فرائض السيد المرعشي ( رحمه الله ) . لابد له من كرامة عظيمة و أهمية جليلة بحيث لا يترك من الوقوف معه و الإستضاءة من نوره و بيان مضامينهُ و تجليت حقائقه لكي نعرف فاطمة حق معرفتها و على القدر المتيسر منه. و هذا الحديث و ان لم يكتب له سند في كتب الحديث ، و لكن جاء مضمونه مطابقاً لكثير من الروايات الشريفه المأثورة في حق الصديقة الكبرى فاطمة ( ع ) ، و على مضمونه و حقائقه توجد أدلة و شواهد تؤكد حقيقته و ان لم يرد في كتب الأدعية ، و لكن يكفي في نقله على ما استفدناه من الكتابين المذكورين اللذين ذكرا هذا الدعاء ، و من باب التسامح في أدلّة السنن يهون الخطب في سنده .
النتيجة ما هو ذلك السر ؟
نقول : بما ان ثابت لدينا ان السر هو ذاتي ( ذات فاطمة الزهراء ) ( ع ) ، فنقول : لا نستطيع تحديده ضمن المستوى الفكر البشري ، و لكن ممكن التعرض له ضمن اطروحات غير قطعية و غير مجزم ما يطرح من خلالها بإطلاق صحتها ، سوف نستعرضها ان وفق الله تبارك و تعالى و بقت الحياة في مناسبات اخرى ، ولكن يكفي القول : ان حقيقة هذا ( السر المستودع ) مطلع عليه بعلم الله الرسول الخاتم محمد ( ص ) ، و الامام علي ( ع ) ، و الامام الحسن ( ع ) ، و الامام الحسين ( ع ) ، حصرا و الله العالم . اما بقيت الائمة من التسعة المعصومين ( ع ) ، فهم قد يكونوا مطلعين على نتائج ذلك السر و التبعات و متعلقات و ما يترتب من كل ذلك ، لا عن طبيعة ذات ذلك السر التي انحصرت معرفة ذاته بمن أشرنا له سلفا و الله العالم .
نسأل الله حفظ الاسلام و اهله نسأل الله بحق سر المستودع في فاطمة الزهراء ( ع ) حفظ العراق وشعبه
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha