إيمان عبدالرحمن الدشتي ||
رحلة هي الحياة، تبدأ بصرخة يطلقها مولود قدم الى عالم لم يعهده، لا تحمل في جعبتها إلا ورقة مرسوم عليها خط مستقيم ومكتوب عليها "كن هكذا، أو لا تكن! فإنك حتما ستصل الى النهاية"
خلقنا الله تعالى لا لعبث أو لحاجة وهو الغني عن الخلق بأجمعه، واوضح لنا وبخط جلي أن أمامنا مسيرة قد تطول أو تقصر ولكنها سرعان ما ستنتهي، فيها محطات جمة كالإيمان والكفر، والخير والشر، والفضائل والرذائل، والنعيم والشقاء، و...، وجعل لنا الخيار في الوقوف من عدمه عند هذه المحطات بعد ان بين لنا ما تحويه كل محطة من معانٍ تجعل النفس تسمو او تتسافل.
المقياس الذي يريده لنا رب العالمين، هو ما رسمه النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم حيث قال: (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما، فلن تضلوا بعدي ابدا) التسافل مورده من خان وحرف وأحق الباطل وأبطل الحق وعزل واستعلى، وفتح بابا للضلالة والظلم والجور ولم يمتثل لقول الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم، وترك البشرية تتخبط في التيه والغفلة والبعد عن سادتها الأئمة الاطهار وخلفاء النبي المختار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بعد أن أبعدوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها، وأنهوا حياتهم صالح بعد صالح بين مقتول ومسموم، حتى وصل الأمر الى مولانا الحجة الموعود سلام الله عليه وعلى آبائه، فغيبه الله حفاظا على حياته، وحتى تتهيأ له الامور كي ينشر العدل والقسط بعد أن تملأ الأرض ظلما وجورا، وها نحن نعيش أيام قرب الظهور الشريف، ونستعد بعون الله لنصرته أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، اما معاني سمو النفس فتنهل من شريعة خاصة، لرجل كان وما زال بابا لمدينة العلم والفضائل والخلود وهو "علي إبن ابي طالب" عليه السلام.
الرحلة ماضية إما مستقيمة وإما متعرجة تبعا لمسيرنا، وستقترب يوما ما من النهاية، والله تعالى وحده من يقرر ساعة انتهائها، حيث قال تعالى: (قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون ساعة ولا تستقدمون) "سبأ 30" وعندها سيكون المصير الأزلي إما نعيما وإما جحيما.
حينما تقف على وادي السلام، ذلك الوادي الواسع الذي بجوار مرقد الرجل الهمام، مولانا عليٍّ الضرغام عليه السلام، تستشعر السكينة والأمان لملايين الأرواح التي أنزلت في هذا المكان، مسلمة على الارواح التي سبقتها ومستبشرة بالارواح التي ستلحقها، فكما يروى (ما من مؤمن يموت في شرق الأرض وغربها، الا قيل لروحه إلحقي بوادي السلام) ليكون لها حصنا وسكنا من أهوال ما بعد الموت، بعد عالم صاخب فيه ما فيه من المتناقضات، هذا الوادي هو موئل أرواح المؤمنين اللائذين بحضرة فحل الفحول، وجار المستجيرين، علي أمير المؤمنين عليه السلام لتنالهم شفاعته.
اللهم نسألك الأمان لمن رقدت أرواحهم في ذلك الوادي، واستشفعت بسيد الاوصياء، وأمان الخائفين، وسيد السلام والسكينة فلاذوا به، واستجاروا بقبره، وكأن لسان حالهم يقول:
بقبرك لذنا والقبور كثيرة
ولكن من يحمي الجوار قليل
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha