المقالات

القواعد القرآنية للمجتمع التوحيدي/10/ القاعدة التاسعة: الدفاع عن حقوق المرأة


الشيخ طالب رحمة الساعدي ||

 

-         رحلة تدبّرية مع خطاب " ايها الذين امنوا ....." في مضان بعض التفاسير

 

من المعروف أنّ آيات سورة النساء تهدف إلى مكافحة الكثير من الأعمال الظالمة و الممارسات المجحفة التي كانت رائجة في العهد الجاهلي – بحق المرأة -، و في الآية التاسعة عشر منها ""يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً كَثيراً""

 بالذات تشير إلى بعض هذه العادات الجاهلية المقيتة و حذر اللّه سبحانه فيها المسلمين من التورط بها، و تلك هي:

1- لا تحبسوا النساء لترثوا أموالهنّ، فلقد كانت إحدى العادات الظالمة في الجاهلية أنّ الرجل كان يتزوج بالنساء الغنيات ذوات الشرف و المقام اللاتي لم يكن يحظين بالجمال، ثمّ كانوا يذرونهن هكذا فلا يطلقونهنّ، و لا يعاملونهنّ كالزوجات، بانتظار أن يمتن فيرثوا أموالهن، فقالت الآية الحاضرة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً و بهذا استنكر الإسلام هذه العادة السيئة.

2- لا تضغطوا على أزواجكم ليهبنّ لكم مهورهنّ، فقد كان من عادات الجاهليين المقيتة أيضا أنّهم كانوا يضغطون على الزوجات بشتى الوسائل و الطرق ليتخلين عن مهورهنّ، و يقبلن بالطلاق، و كانت هذه العادة تتبع إذا كان المهر ثقيلا باهظا، فمنعت الآية الحاضرة من هذا العمل بقولها: وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ‏ أي من المهر.

و لكن ثمّة استثناء لهذا الحكم قد أشير إليه في قوله تعالى في نفس الآية:

إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و الفاحشة هي أن ترتكب الزوجة الزنا و تخون بذلك زوجها، ففي هذه الحالة يجوز للرجل أن يضغط على زوجته لتتنازل عن مهرها، و تهبه له و يطلقها عند ذلك، و هذا هو في الحقيقة نوع من العقوبة، و أشبه ما يكون بالغرامة في قبال ما ترتكبه هذه الطائفة من النساء.

هذا و المقصود من الفاحشة المبينة في الآية هل هو خصوص الزنا، أو كل‏ سلوك ناشز مع الزوج؟ فيه كلام بين المفسرين إلّا أنّه‏ روي في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلام‏ التصريح بأنه كل معصية من الزوجة

(طبعا يستثنى من ذلك المعاصي الطفيفة لعدم دخولها في مفهوم الفاحشة التي تشير إلى أهمية المعصية و خطرها، و الذي يتأكد بكلمة «مبينة»).

3- عاشروهن بالمعاشرة الحسنة، و هذا هو الشي‏ء الذي يوصي به سبحانه الأزواج في هذه الآية بقوله: وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏، أي عاشروهن بالعشرة الإنسانية التي تليق بالزوجة و المرأة، ثمّ عقب على ذلك بقوله: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً.

فحتى إذا لم تكونوا على رضا كامل من الزوجات، و كرهتموهنّ لبعض الأسباب فلا تبادروا إلى الانفصال عنهن و الطلاق، بل عليكم بمداراتهنّ ما استطعتم، إذ يجوز أن تكونوا قد وقعتم في شأنهنّ في الخطأ و أن يكون اللّه قد جعل فيما كرهتموه خيرا كثيرا، و لهذا ينبغي أن لا تتركوا معاشرتهنّ بالمعروف و المعاشرة الحسنة ما لم يبلغ السيل الزبى، و لم تصل الأمور إلى الحدّ الذي لا يطاق، خاصّة و إن أكثر ما يقع بين الأزواج من سوء الظن لا يستند إلى مبرر صحيح، و أكثر ما يصدرونه من أحكام لا يقوم على أسس واقعية إلى درجة أنّهم قد يرون الأمر الحسن سيئا و الأمر السي‏ء حسنا في حين ينكشف الأمر على حقيقة بعد مضي حين من الزمن، و شي‏ء من المداراة.

ثمّ إنّه لا بدّ من التذكير بأن للخير الكثير في الآية الذي يبشر به الأزواج الذين يدارون زوجاتهن مفهوما واسعا، و من مصاديقه الواضحة الأولاد الصالحون و الأبناء الكرام.

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك