حسن كريم الراصد ||
قد لا يرضى عني الكثير ان قلت ان احد صمامات الأمان للعراق والمنطقة يقف حائلا دون تمدد الحركة الداااع$ية وآمالها في أنشاء دولتها الظلامية المدعومة من الرياض وواشنطن ومن يدور بفلكهما هو النظام القائم اليوم في الأردن. . فعبد الله ومن قبله والده الراحل الحسين بن طلال ينتميان لمدرسة تتباين كليا مع المدرسة السعودية الوهابية من حيث الانفتاح والمدنية وترك الخيار للمجتمع في تحديد ما يلائمه من سلوكيات وأنماط.. فالمملكة الاردنية تمثل دولة مدنية لا علاقة لها بأي ايدلوجيات وليست حريصة على الإسلام سواء كان منفتحا او متشددا الا بقدر تعلق الامر ببقاء التاج على رأس الملك مصانا غير مسؤول. فثقافة عبد الله الغربية بعيدة كل البعد عن ثقافات الجزيرة ومخاضاتها الفكرية وتطلعاتها التوسعية وهم أقرب للواقع من خلال الإيمان بان دولتهم لا تمتلك وفرة مادية ليضيعوها على تطلعات واحلام توسعية ولا يملكون مقومات عسكرية تؤهلهم للتحرش بجيرانهم وهمهم الأول هو كيف يستفيدوا من موارد جيرانهم ليقوموا أقتصادهم الهش..
أما المجتمع الأردني فهو كذلك مدني بغالبية بسيطة يؤمن بمليكه ويوالي العائلة ما دامت تحافظ على هذا المستوى المعاشي ويشعر بالوفاء للملك الذي نأى بالأردن من الصراعات فلم تشهد المملكة حربا متكاملة منذ تأسيسها وقد سار عبد الله ووالده على خيط دقيق ليجنب بلاده ويلات الحروب وان كان الثمن إقامة علاقات مع تل أبيب.. وبالمناسبة فإن الملك عارض ربيع سوريا السعودي الإماراتي ورفضه حتى أذعن بالأخر لضغوطهم وظل يراوح وتمكن من ارضاء الأسد وكذلك عدم إثارة غضب واشنطن وحلفاؤها من عرابي الربيع السوري..
ولكن ومنذ تسعينات القرن الماضي نشأت وتنامت السلفية في أطراف المدن والقرى البعيدة عن العاصمة بفضل وجود مجتمع بدوي يتبنى عقيدة العسكرة والجهاااد ويحمل بقية من عقلية الغزو والقتال القبلية والتي وجدت فيها السعودية مناخات خصبة لزرع بذور الفكر الظلامي المتشدد رغم ان شيوخ القبائل العريقة فيها يعتبرون الذات الملكية مقدسة مصانة الا انهم غلبوا على أمرهم بعد ان اضحت الحركة السلفية الجهادية ذات سطوة ومال يأتيها من الخليج تمكنت من خلالهما من أغواء الشباب مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة للمملكة..
ورغم هذه المعادلات الصعبة الا ان الملك تمكن من الحفاظ على وحدة البلاد من خلال الاستمرار بالسير على الخيط الدقيق الذي خطه الملك حسين حتى ظهور بن سلمان للواجهة وتسلطه على عرش الرياض وما يمثله ذلك من هوس يتملك شخصيته بعدم ترك لبنة على لبنة في جدار الدول المحيطة والبعيدة عن المملكة.
فبعد أن تمكن ترامب من أذلال الرياض وابتزازها بشكل مذل وعلى الهواء مباشرة رفض عبد الله أن يجري عليه ما جرى في الرياض فتركه ترامب والزمه بالتعاون على إسقاط بشار الأسد فرضخ على مضض وتحرر من ذلك فجأة بعد السقوط المدوي للجمهوريين ومغادرة ترامب للبيت الأبيض. فشعر عبد الله بالراحة وفتح الحدود مع دمشق ومد خيوط تفاهمات مع الأسد وصلت حد تبادل زيارات وتنسيق على مستوى عال..
المهم لدينا كعراقيين وبعيدا عن العواطف الوقتية والانفعالات الشخصية هو بقاء المملكة متماسكة لكيلا تتمكن أمريكا والرياض من تشظيها لتتمكن العصابات الظلامية من السيطرة على بعض أجزاءها ولتكون حائط صد يحمي تل أبيب من المد الشرقي المتنامي والمرعب لهما.. ان أردن مدنية ولو ظاهريا لهو افضل للعراق من أردن ممزقة تتلاعب بها صبيان السفارات ومعتوهي الصحاري او ان تتحول لدولة راعية لمصالح الرياض وحاملة لايدلوجيات وعاظ بن سلمان.. فالأردن تتعرض لمؤامرة لتمزيقها وتفتيتها ومن ثم جمعها اوصالا تدين بالولاء للسعودية ولا تقول لا لسيد البيت الأبيض بعد ان بدر من ملكها كلمة لا وان كانت خجولة..
فلا اظن الوقت اليوم ملائم لتصفية الحسابات بل لترتيب الحسابات ومعرفة الصالح لبلادنا. ولولا ما سيترتب على ما أقول لقلت : أمنحوا الملك النفط ليبقى سدادة لقنينة زيت يغلي سيحرق المنطقة أن تركناها تنفلت..
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha