د.محمد العبادي ||
حسب التقديرات الصادرة عن وزارة التخطيط فإنّ عدد سكان العراق قد تجاوز عتبة ( ٤٠) مليون نسمة .
وبتقديري إن حوالي (٣٠) مليون من مجموع سكان العراق يصرفون من وقتهم كحد أدنى ما لايقل عن (٣) ساعات يومياً في مواقع التواصل الإجتماعي.
بمعنى أن الناس في العراق يصرفون يومياً ( ٩٠) مليون ساعة وهم منهكمون في الفضاء المجازي( يانغمة الحب التي أدمنتها) !!!
المشكلة ليست في مواقع التواصل الإجتماعي ؛ بل في إعتبار تلك المواقع مصدراً لأخذ المعلومة؛ مع أن كثير من تلك المعلومات التي يتلقونها هي معلومات لقيطة ليس لها أب ولا أم.
إنّ منصات التواصل الإجتماعي ليست آمنة أمنياً وإجتماعياً وسياسياً وثقافيا ،والإشاعة فيها أصل على حساب المعلومة الواقعية،بل إن كل رواية رسمية للدولة مذمومة مدحورة فيها ،وفي مقابل ذلك كل رواية لها عداوة وخصومة مع أمن الناس والمجتمع والدولة تجد مستقرها في الصدور .
كإنطباع شخصي عن بعض مواقع التواصل الإجتماعي ( معلومات،ومقاطع فيديو، وحوارات ،ومنشورات ،
شتم أعراض ،تنكيل وتهم لمسؤولين ،تسريب وثائق رسمية،وطرائف وظرائف وغير ذلك ) فإنّ خوارزمياتها مبرمجة بنسق دقيق بحيث يتلقى الفرد العراقي وبشكل يومي مالايقل عن عشرة من المعلومات السلبية في مقابل إيجابية واحدة يتلقاها .
وأترك للقارئ الكريم أن يتصور حجم المخزون الثقافي السلبي الذي يتلقاه الفرد كل يوم ،سيما وان علماء الإجتماع يقولون أن قوة المعلومة السلبية الواحدة من التأثير تعادل ستة أضعاف المعلومة الإيجابية.
لا أقول أن كل ما في ( السوشال ميديا)سلبياً،بل أقول ضررها أكثر من نفعها، ولو أردنا تصنيف المعلومات التي يتم تداولها في مواقع التواصل الإجتماعي فسنجد أنفسنا أمام كم كبير الزبد الجفاء ناهيك عن أضعافها من المعلومات والمنشورات التافهة التي يتلقاها الفرد ،أو المعلومات التي ليست محل إهتمامه ويستدرج إلى قبولها ومن ثم نشرها في وقت لاحق.
لا يمكن أن يستسيغ العقل أن هذا النشاط المحموم والموجه بريء من رجس الأجندة الداخلية والخارجية.لابد من وجود تمويل خارجي وربما داخلي يعمل بدأب ونشاط لتأمين مصالحه،ومن المفروض أن يتم تفعيل وتقوية وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية لمتابعة هذا الموضوع الحساس .
أمام هذا الواقع المرّ في قبول ونشر السلبيات وماتنطوي عليه من بث اليأس والقنوط؛ كيف يتم استيعاب الأجيال الجديدة ،أو كيف يتم تحصينها من هذه الهجمة الثقافية والأمنية والإجتماعية والسياسية ؟
أعتقد بوجود حاجة ملحة في إعادة ضبط وتوجيه إيقاع مواقع التواصل الإجتماعي عبر العودة إلى جذورنا الدينية والثقافية والإجتماعية، وإيجاد شبكة وطنية للتواصل والتعاون،وأن يكون للدولة كلمتها وأدواتها الإعلامية،وان تعمد إلى إستخدام لغة جديدة ذات مصداقية أو تقدم المعلومة الصحيحة للنّاس .
قد يقول المرجفون والمثبطون واليائسون ان هذا الأمر صعب مسستصعب وهو في بلد مثل العراق شبيه بالتمنيات ،غير إني أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة وتخطيط ،ووقت،وتمويل وتدريب،وينتدب له أصحاب الهمم ،ولا مكان للإختباء من مواجهة هذا الأفيون( السوشال ميديا)الذي إغتال الأمل من نفوس الناس ،ومن يجلس يتفرج( يُضرّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسمِ)
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha