قاسم سلمان العبودي ||
تأتينا كثير من المداخلات بعض الاحيان من قبل بعض الأخوة ، منهم السائل على سبيل نجاة نفسه ، ومنهم المخالف والمعاند ، ومنهم من يحاول القفز على التأريخ وحقائقه التي لن ينساها . هو سؤال واحد لا غير :
لماذا تخرج الزهراء ويصمت الأمام علي زوجها ؟ أليس في ذلك تجاوز على المعصوم في دائرة عصمته ؟
أبتداءاً نقول كدعم لنظرية السائل ، ( وأن كنا غير مقتنعين) ، هل أن الزهراء خرجت للمطالبة بفدك وما يترتب على فدك من مردودات مالية كبيرة ؟ كيف تخرج الزهراء للمطالبة بحطام الدنيا وهي أبنة رسول الله ! ألم تعلمنا مدرسة الرسول وأهل بيته أن لا نجعل الدنيا أكبر همنا ؟ أذن تلك أزدواجية بالتعاطي مع مشروع الرسالة السماوية التي جاء بها من عند الله أبوها رسول الله وخاتم رسله ؟ وطبعاً ذلك محاباة مع من تجشم عناء الأشكال على فاطمة الزهراء !
نقول : أن المطالبة بفدك وبعلم أمير المؤمنين ورضاه ، أنما جاء بعد أن حُرفت بوصلة الأمة بأتجاه آخر . فما فدك ألا وسيلة لتنبيه الأمة التي أنساقت خلف قادة الشقاق بأكبر عملية تضليل أجتماعي مورست من قبل الأفاقين . رِضى أمير المؤمنين بخروج الزهراء لا يقدح بالمطلق بعصمتهِ كون الزهراء هي الأخرى ممن ينطبق عليها مصداق العصمة ، حتى وأن سلبوها ذلك الحق وقالوا ، عصمة صغرى .
المطالبة بفدك الزهراء كان عبارة سن قانون أجتماعي لرفع المظلومية عن الأمة ، والمحافظة على الثوابت الأسلامية ، والحرص على ألسنة النبوية . فقد كان درس عظيم للناس أن لا يتهاونوا في حقوقهم ، والمطالبة بها في كل زمان ومكان بغض النظر عمن يكون حاكم تلك المرحلة . نعم أنه درس كبير في جزئية قد تبدوا للرائي ضيقة الحدود ، ولا تستوجب خروج بنت المعصوم وزوج المعصوم وأم المعصومين على أمتداد التأريخ .
لقد رسمت الزهراء خط المقاومة مع الأستكبار عبر المطالبة بالحق الذي أُغتصب على مرمى ومسمع من الأمة التي كانت بالأمس القريب تلتف حول أبيها ألتفاف الفراش حول النور . أرادت الزهراء عبر فدك تذكير الناس أن لا يكونوا عبيداً للحكام والركون لهم . لقد قالت للتأريخ أن دوائر الأستكبار مهما علا شأنها ، ومهما طال أمدها ، زائلة لا محالة ، لذا فلنكن في حلٍ من تلك الدوائر . نرى بان على الأمة أعادة قراءة التأريخ بعين البصيرة ، والأنتباه لتلك السيدة العظيمة ، وأستلهام منهجها الثوري الرصين بملاحقة كل من سولت له نفسه التلاعب بمقدرات الأمة .
من المعيب جداً ، وبعد تلك الحقبة الزمنية الطويلة ، أن لا نعرف الزهراء كما هي ! ومن المعيب أيضاً أن نشكل على الزهراء في موضع صناعة الرأي ، التي أرادت به من خلال رفضها ، رسم مسارات للأمة التي ضيعت حقوقها كاملة تحت مسمى الخضوع المطلق للحاكم ، والصلاة خلف كل بر ٍوفاجر . نرى بأننا اليوم بأمسِ الحاجة الى العودة للتأريخ مجدداً ، وأنصاف الزهراء بسماع صوتها ، كي تعود ( فدوكنا ) التي أضعناها بأنحراف البوصلة التي ضيعها بعضنا وظل طريقه . فلنجعل من فدك جرس أنذار لكل من غفل عن حقه ولم يطالب به ، في زمن ضاعت به كثير من الحقوق .
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha