إيفان العودة ||
لا شك أن كل واحد منا يدرك بجلاء أهمية الوطن، وضرورة الإرتباط به لإعتبارات عديدة ، ثقافية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و حتى أمنية ، دون أن نتسائل عن المدلولات اللفظية لهذا المفهوم و أبعاده المختلفة و المكانة الرمزية التي يحتلها في نفوس الشعوب .
فكلمة ”وطن“ تعني المنزل الذي يقيم الفرد فيه ، وهو المكان الذي يضمنا بين أحضانه ونعتبره موطنا ، حيث يعطينا الأمن و الأمان و يضمن لنا الإستقرار الذي ننشده .
وإنطلاقا من هذه النظرة الشمولية لمفهوم "الوطن” نخلص الى أن المواطن الصالح هو ذلك الشخص الذي يلتزم بالقوانين ويدفع الضرائب بإنتظام ويؤمن بحقوق الآخرين ويسعى جاهدا للعيش المشترك والتعاون البناء لما فيه خير البلاد و العباد .
التحلي بروح المواطنة ، علاوة على كونه واجبا مقدسا ، فإنه يبقى السبيل الوحيد الذي يمكن أبناء الوطن الواحد من الصمود أمام تحديات الفرقة و الكراهية و الأنانية الضيقة.
في المقابل فإننا نرى أنه من واجب الوطن أن يكرم أبنائه و فتح الفرص المتكافئة أمامهم ، وأن يعمل على تطبيق الإصلاحات الضرورية التي من شأنها الإسهام في التحسين من أوضاعهم نحو الأفضل .
في هذا السياق يجب أن يتسع الوطن لجميع أبنائه وهويحتاج إليهم جميعا في النصح وتلبية نداء الواجب الوطني وحمل الهم المشترك للدفاع عن البلاد وصون كرامتها والذود عن وحدتها الوطنية .
في الوقت ذاته ثمة أهمية كبرى لحقوق المواطنة ، من خلال الإعتزاز بالمجتمع وتنوعه الثقافي ، وضرورة تجاوز رواسب التقاليد البالية المتعارضة مع التقدم العالمي في مجال حقوق الإنسان واعتماد نهج الوئام والأخوة سبيلا لترسيخ اللحمة الوطنية التي يكون فيها كل إسهام فردي اثراءا جماعيًا ومعالجة كل أشكال التفاوت الناجمة عن التمييز الإجتماعي والقضاء على الفقر الذي يضر بتماسك المجتمع و يعيق تنميته .
افضل وجه من أوجه التعبير عن نلبية إشتراطات المواطنة، هو الإنصاف الهادف الى تلبية حاجات السكان المعوزين عبر البحث عن خلق فرص جديدة للتشغيل وتطوير آليات التضامن الإجتماعي، و ضمان السكن وإضفاء الشفافية في الحياة العمومية، و الفصل بين السلطات وتعزيز دور واستقلالية القضاء نظرا لمحوريتها في التأسيس لدولة العدل والقانون التي ننشدها جميعا.
وهي كلها أمور جوهرية في برنامج الإصلاحات الذي يجب ان نعمل عليه جميعا، والهادف الى تحقيق التنمية المطلوبة لتحسين ظروف المواطنين والوصول الى الرفاه المشترك لكل أفراد الشعب.
منذ عام 1975 ولغاية قبل يوم الثلاثاء 27/12/2022 كان ابناء شعبنا شركائنا في الوطن من ابناء المكون الأيزيدي، بلا مأوى، حيث امتنعت سلطات البعث عن تسجيل أملاكهم بأسمائهم في المجمعات السكنية في مناطق سكناهم في سنجار وما حولها..
عمليا كان الأيزيديين مواطنين بلا وطن..ففقدت المواطنة احد شروطها، ونتيجة لتدخلات خارجية وأجندات داخلية مشبوهة، بقي جمر قضيتهم تحت رماد كثيف من الإهمال، وعدم مراعاة حتى الإحتياجات الأنسانية البسيطة..
الأيزيديون وبعد ان حرر أبطال الحشد الشعبي رجال الشايب ارضهم وقدموا تضحيات جسيمة على هذا الطريق، تلتفت لهم الحكومة وتنصفهم وتسجل أملاكهم بأسمائهم، وبات للأيزيديين مناطق سكن رسمية وملكا صرفا بأسمائهم.أنها خطوة جبارة أنصفت الايزيديين بعد ظلم دانم 47 عاما من القلق وعدم الإطمئنان الى المستقبل، قصمت ظهور المشبوهبن والمتصيدين بالمياه العكرة،
خلاصة الأمر فإن سعي بعض الساسة والإعلاميين لتقزيم الإنجازات والتقليل من أهميتها والنيل من سمعة البلاد وهيبتها لايساعد إطلاقًا على التقدم البناء لأن الأوطان لا تبنى فقط بحجم الموارد الإقتصادية التي تملكها، بل بقناعة أبنائها الذين يتشبثون بالروح الوطنية العالية و المؤمنين بأن حق الوطن عليهم أولوية تفوق كل الإعتبارات.
https://telegram.me/buratha