جمعة العطواني ||
· مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
كما تعلم فإني لم أمدح كبار السياسيين بالأعم الأغلب ( إلا ما ندر) لأسباب عدة، منها أنهم أخفقوا في كثير من المواقف السياسية والحكومية، وكذلك لكي لا يقال إننا نمدحهم تزلفاً .
لكني وأنا أستمع الى كلمتك بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لإستشهاد قادة النصر رضوان الله تعالى عليهم، فهي كلمة تستحق أن تكتب (بماء الذهب) لما تضمنته من معاني كبيرة ومفاهيم عظيمة وجرأة ووضوح دون مجاملة أو مداراة سياسية، أو مهادنة مع أعداء العراق وقتلة الشهداء.
كنتَ صريحاً في قول الحق، وأنت مسلم متفقه تعي معاني المصطلحات الفقهية، فلم تتحدث بعواطف، وإنما تحدثت بفقه الإسلام وحددت العدو بصراحة، ووضعته في خانة الكفار.
كم هو جميل ورائع ونحن نراك تستشهد بكلام أمير المؤمنين في وصفه للشهادة بقوله ( إن أكرم الموت القتل، والذي نفس إبن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش في غير طاعة الله ).
وما أشجعك وأنت تشرح مضمون الحديث بقولك ( وأكرم الشهادة شهادة المسلم بيد الكافر، وأعظم الشهداء من صانوا الأرض والعرض فكانت الشهادة لهم التكريم ... فكانوا رموز شهادة بالغدر الذي غُدِروا به من الأمريكان والصهاينة الذين ثبت لهم دور في قتلهما ).
نعم أكثر من ذلك فإنك نقلت بكل شجاعة حكم الأمة على كفر الأمريكان والصهاينة بقولك ( المسلم المقتول بيد الكافر شهيد بإجماع الأمة ، لا يختلف في ذلك فقهاء الشيعة ولا فقهاء السنة ).
هذه الصراحة والشجاعة لا يقولها إلا رجل يحمل مبدأً إسلامياً وبصيرة عميقة ، ووضوح في الطريق.
لم يخلد في ذهنك إنك لابد أن تكون براغمامتيا أو تكون ( متوازنا ) في حديثك وتمسك العصا من الوسط، وتكتفي بالثناء على الشهداء القادة ودورهما في وحدة الأمة وتحرير الأرض ، وتغض النظر عن المساس بقتلتهم من أمريكا وصهاينة تحت ذريعة ( البراغماتية السياسية)، أو ( مقتضيات المصلحة)، أو ( التفكير الإستراتيجي ) الذي يستخدمه غالبية القيادات السياسة، ومنهم قيادات شيعية للأسف الشديد.
ففي الوقت الذي (نتأت القرحة) وأثنيت على دور الشهداء في تحرير العراق، أكدت على جريمة الأمريكان والصهاينة في هذه العملية الإجرامية ووصفتهم بالكفار، وهذه الجرأة لم نسمعها من غيرك بكل صراحة، بل ما سمعناه من غيرك هو التوسل بالأمريكان والتشكي لأنهم ( الأمريكان ) لم يسمحوا بنشر صور الشهداء في الفضاء المجازي.
بل إن بعض إخوتنا الذين (نظن بهم خيراً) لم نسمع من ثنايا كلماتهم ذكر لإسم أمريكا ، وتحولوا الى ( وعاظ) يذكروننا بقيمة الشهادة والشهداء دون أي ذكر لعدو الشهداء.
أكثر من ذلك أيها المشهداني، فإنك غصت في أعماق التأريخ لتوجد مقاربة رائعة بين شهادة الشهيدين وشهادة أبي عبد الله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام بقولك ( بمن تذكركم شهادة الشهيدين والشهداء معهم؟ أليس تذكركم بشهادة الإمامين الحسين والعباس عليهما السلام والثلة الطاهرة التي معهما ؟ وكيف لا نتذكرهما في موقعة المطار، وموقعة المطار إمتداد ممتد للطفوف التي أصابت شهداء الأمة ، حتى كأنما أصابهما طف حديث تلا الطف القديم).
لا أريد الإسهاب في نقل تفاصيل كلمتك الرائعة، لكني أود أن أشير الى نقطة ننتزعها من حديثك وحديث سائر الإخوة الذين تحدثوا بهذه المناسبة من باقي المكونات، من السنة والمسيح وهو : أننا ببركة دماء الشهداء إستطعنا أن نتوحد من جديد في أمة واحدة، لها قيم وأهداف رسالية خالدة، هذه الأمة هي إمتداد لأمة رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فأصحاب الحسين عليه السلام كانوا أمة من دون الناس، رغم قلة عددهم إلا أنها جمعت زهير بن القين (العثماني) ووهب النصراني ( المسيحي)، وحبيب بن مظاهر (الصحابي)، وجون العبد الأسود الذي طيب الله ريحه، تحت قيادة إمتداد رسول الله الأعظم المتمثل بسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
هذه الأمة تحيا من جديد لتجمع بين محمود االمشهداني (السني) والفلسطيني (السلفي) واللبناني الشيعي واليماني (الزيدي) بل والكلداني المسيحي، فضلاً عن العراقي بمختلف مكوناته، وسائر المستضعفين الذين يرفضون الذل والخضوع والإستعباد ، هذه الأمة تأسست على يد حفيد رسول الله الأعظم نائب الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ونعني به الإمام الخميني (قدس)، ويقود ركبها الإمام الخامنئي ( دام ظله)، وبدعم وتأييد من المرجع الأعلى السيد علي السيستاني ( دام ظله)، الذي أبّنَ الشهداء القادة أيما تأبين ، وقد أوجع خبر إستشهادهم قلبه .
هذه الأمة رغم خصوصيتها الدينية والمذهبية إلا أنها تجتمع تحت خيمة الإباء والعزة والكرامة ومقاومة الإحتلال إنها خيمة ( الإسلام المحمدي الأصيل ).
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha