كوثر العزاوي ||
وأجمَل مَا في تَاريخ الجِهاد هم الشُّهَداء..! هم نجومُ هداية لن يخبو ضوؤها، وعلامات وبالنجم هم يهتدون،
هُم صَفَحاتٌ مِن إبَاءٍ نُسِجَت حِكَايَاتُها بِالدَّم والنّار، لتَبقى قِصصٌ تُروى ، دروسُ مَن صدَقوا ومَن صَبروا ومَن ضحّوا بِشموخ تتناقلها الأجيال، تنير عَتمَة الطرق المظلمة، وتبدّدُ اليأس في النفوس، الشهداء بيانٌ طوعَ البنان والّلسان، وحال لسانهم يقول لثُلّة الثَّابِتين: أما نحن: فقد قَضَينَا نَحبَنَا، فَانتَظِروا ولا تُبَدِّلوا تَبدِيلا!!
الشهداء "قادة النصر" مَثَلًا أعلى! فكيف أصبحوا شهدَاء؟ الجواب: عندما سَكَنهُم نورُ الله فما عادوا يَرُوا غيرهُ، أولئك الذين آثروا
الهجرة إليه فهاجروا ورَحلوا ومنذ رحيلهم لم نعُد كما يُرام، وهذه الليلة تستفزّ الجراح! والذكرى تلحّ على الوجدِ وتوجِع الوجدان، كأنها الرماح!! لله درّ جراحنا وآلامنا، يقينا أنهم ﴿في شُغُلٍ فاكهون﴾ولكن أنّى لهذه الليلة أن تنقضي ونحن مابين دمعةٍ وسجدة نمتطي الليل براق من صقيع صوب المطار، إنّه شعور مثقَلٌ كأنّه جبلٌ على ظهرِ ناقةٍ صبورة، فمَن يرشدُ جراحي بأن تهدأ، اريد أن أغفو، لعلّ الليل يمضي لينسيني هول المصاب والفجيعة، آهٍ ياليلة العروج والوداع، هلّا حملتِ رسالتي، وحكايةٍ طويلة سطّرها اليراع، ثم اهمسي في أذن التراب، كيف احتضنتَ نِثار اشلاءهم في شدة الدخان والغبار! لترتقي بها إلى السماء، والكون مابين تهليل وتكبير ونَوحُ الأولياء!! في غمرة الذكرى، وهذه الليلة ببردها القارص، لاأرغب إلّا أن يُطوى الوقت لأجد نفسي في إغفاءة تهوّن عليّ وحشة الغياب، فلستُ بخير وطائر الشجن يرفرف في فضاء الروح ينعى ليَ الأحباب،
فياربّ الراحلين أفرغ علينا صبرًا وألحِقنا بالعاشقين.
ليلة الثالث من يناير كانون الثاني.
١٠جمادي الآخر ١٤٤٤هج
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha