المقالات

ليلة النار الباردة ؛؛


حسن كريم الراصد ||

 

كان ليلا شتويا قارصا كعادة كانون منذ الازل .. كانت الليلة الثالثة منه لا تشبه الليالي من حيث برودتها القاسية التي تنفذ للعظام فتلامسها كرمح من جليد ..

كانت ليلة تحمل الكثير .. الكثير . سماؤها صافية .. ظلمتها حالكة .. شياطينها مستيقظة واعدة تحيك خيوط عمل تهتز له اركان السماء ويدمي قلوب سكان الارض .. كنت متوجسا من تلك الليلة .. لم اتمكن من النوم كأني انتظر خبرا من الغيب يهتف بالارض .. لم تكن بشارة .. رغم انها كانت كذلك لمن كانوا ينتظرون تلك اللحظة .. كان المغدوران يحملون خشبتهما سنين على اكتافهم بانتظار ذلك اليوم . قد يكون انهم اخبروا بان النهاية ستكون ههنا في هذه الليلة الباردة .. قد يكونوا برزوا لمضاجعهم بثبات مطمئنين .. ولكنها لم تكن لي بشارة .. كانت صاعقة هدت مني الجسد .. كانت ليلة سوداء لكن سوادها ابيضت له لحى الرجال ..

فبعد انتصاف تلك الليلة  جاءت البشرى ان اقدموا فقد فتحت باب خاصة الاولياء في السماء فارتقى الشهداء للخلود السرمدي .  وفُجعت . دُهشت ..صقعت . رحل  مقاتل كرمان  والمهندس جمال .. وتركا خلفهما امة يتيمة .. بكتهما سهول كان قد اغتصبتها الوحوش .. ووديان كانت تقطنها الذئاب .. وهضاب لا يمر منها بشر الا ذبح كما تذبح الشياه .. اناس كانوا تحت سطوة القتلة القساة ... بكاهما صغار عادوا لبيوتهم .. بكتهما نساء بفضلهم لم يفترسهن البغات .. بكاهما مقاتلين لم تداعب جفونهم دمعة قبل تلك الليلة .. رحلا فأخذا معهما الامان من الارض .  فلم يعد الكوكب كما هو بعد تلك الليلة .. ولم تعد الدنيا كسابقها .. فكان بعدهم الدم والجوائح والحروب .. ولم اعد انا كما انا . فانا كنت قد تنبأت بما سيجري بعدهما .. وتيقنت ان ستتطاول الشياطين باعناقها بعدهما ..

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك