كندي الزهيري ||
إن اطاع الانسان في سياق عبوديته وتبعيته لخالقه وإلهه الاصيل، أوامر الله بخشوع، فانه سينعم بالخلود وانعدام الموت الذي لا ينتهي والحافل بالبركة. لكن أن عصا ربه وسار على طريق الكبر والغرور والعصيان واستغل إرادته الحرة، فإنه سيكون محكومـا بـالموت. مـوت كمـوت الحيوانات الدنيا. ويصبح أسير شهواته ونزواته وستلاحقه اللعنة الأبدية بعد الموت.
وثمـة فئتـان مـن النـاس في النظـام النظـري ل ( اغوسطين ) الأناس المختارون والاناس الملعونون، والمقصود من هاتين الفئتين هو «مدينة الله» و «مدينة الدنيا » ، ففي مدينة الدنيا، الأصل هو الحياة المادية والانسان. وسكانها مغرورون ومعجبون بأنفسهم. لكن مدينة( الله) تنعم بالمعنوية الروحية ويجعل سكانها، الله، مقياسا. لقد تشكلت مدينتان على إثر عشقين العشق الدنيوي وهو بالذات
حتى بتمن اذلال الله والعشق اللاهوتي هو العشق الجلال في الذات والثاني في الله.
ويتابع: إن الله سيفصل في الزمان الذي لا يدوم طويلا ، هاتين المدينين عن احداهما الأخرى ويشمل مدينة الله وسكانها، بلطفه و عنايته. كتاب «مدينة الله» دفاعا عن المسيحية وأورد في هذا الكتاب المؤلف من ۲۲ جزءا ، نظرياته الإجتماعية والسياسية. وتحدث هذا الأسقف المسيحي في كتابه عن المواجية بين القيم الدنيوية الفانيـة ودوافـع الـعـالـم البـاقي، ويسعى جاهدا لنقـد منظومة قيم الحياة الإجتماعية لروما. ويرجع تاسيس مدينتي «الله» و «الدنيا» إلى عصر هبوط آدم الى الأرض، ويعتبر مدينتي بابل و بیت المقدس رمزين بجسدان حقیقة هاتين المدينتين ( الفكر السياسي، منذ أفلاطون إلى نانو ص٨٨) .
وتعد الأسرة، النموذج الذي يقترحه اغوسطين لبناء المدينة، ويسعى لبناء عالم
كبير من مجموعة من الدول الصغيرة. وذلك على غرار المدينة التي تتشكل مجموعة من الأسر. وفي ضوء ذلك يصر على أنه من أجل إدارة مدينة ما، لا ممارسة ضغط واكراه أكثر مما يلزم لإدارة أسرة ما، لأن القانون لأ يمثل ( سلطة بحتة بل يكمن في رضا الافراد).
وفي الحقيقـة فـان حكم هذه المدينـة يـدور حول محور النصح والموعظـة ، وأن الدولة الحقيقية لديه هي بمثابة الكنيسة الحقيقية التي تتحقق بعد نشاتها الدنيوية. ويؤمن اغوسطين بان الله ينصب الظالمين حكاما لمعاقية الإشرار، وبناء على ذلك فان لا حاجة للنضال من أجل إرساء حكم الاخبار؟ ، أن مملكة الأشرار تعود بالضرر عليهم بشكل رئيسي لأنهم الحكام ... لكن الاشخاص الذين يخضعون لحكم هؤلاء، يتضررون فقط وفقط بسبب شرورهم ، وأن الشخص العادل لا يرى بأن الظلم الذي يمارسه الحاكم الجائر، هو عقاب لشروره بل هو ( إختبار ) وجعله على محاك الفضيلة. لذلك فان اغوسطين يدفع الفرد المسيحي الى حالة من الأنفعال ، وينصح الشخص المسيحي لأن يصـلي ل»الملـوك وأصحاب السلطة». ويرى خبراء النظريات السياسية بأن الضعف الأساسي لنظرية اغوسطين، يكمن في عدم رصف معضلة سلوكيات الافراد في هذه المدينة، وفي الحقيقة فانه ليس لديه جوابا الاسئلة من قبيل ( كيفية تسيير الامور وكيفية التعاطي مع العدو وكيفية التعامل مع المواطنين
وكيفية أداء المسؤولين الإداريين وغير ذلك) ....
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha