المقالات

المكون الأفقر..!

1442 2023-01-06

واثق الجابري ||

 

من الطبيعي جداً أننا وزعنا الفقر  بين المحافظات والمكونات، فيكون العدد الأكبر في المكون الأكبر والمحافظات الأكثر سكاناً، إلاّ أن ليس من الطبيعي  أن يتركز الفقر في محافظات بعينها، وينخفض في أخرى؛ محافظة فقرها 52‎%‎  وغيرها 8‎%‎ ؟!

 لا تحتاج بحثاً كثيراً  عن أين يكمن الفقر في العراق، ولا المدن التي يستوطن فيها؛  بل يكفيك  تطلعاً بسيطاً بأولئك  الباعة المتجولين في تقاطعات الشوارع، وسائقي "التكتك"  والحمالين في الأسواق  وبائعي الأرصفة  والباحثات في القمامة والعاملات في معامل الطابوق، أو ترى بائعات  الهوى يتباهين بسعر حذاء، أو يتجاوزن على القانون بسياراتهن الفارهة دون رادع وخلافاً للقانون والقيم والأخلاق، أو تعرف  الفساد الإداري  وغياب التخطيط، ومجتمع يمثل على كل 100 ألف  شخص أوكله بالنيابة عنه.

تجذر الفقر في العراق لعقود طويلة، ولا يرتبط  بالدخل فحسب، بل بالتعليم والصحة والسكن والخدمات، وينعكس سلباً على من يقعون تحت خطه، والمجتمع الذي يعيش حولهم، ومن ثم على الدولة بصورة عامة، بفقدان خدمات أساسية وحقوق كفلها الدستور ، لتتعدى الفقر الى الظلم المباشر وغير المباشر ، وخيبة أمل  كبيرة تفقد الإنسان إنسانيته، عندما يشعر أن الدولة لا تتعامل معه كإنسان!

ثمة مؤشرات  للفقر في العراق، إلاّ ان الارقام لا تبدو حقيقية، بين تقديرات ومبالغات ومغالاة وهروب من واقع، ولا تتناسب مع الاحتياجات اليومية للفرد والعائلة، سواء مع الغلاء المحلي والعالمي، أو الاحتياجات التي  ولّدها نقص الخدمات كالإنفاق على الكهرباء والتعليم والصحة وخدمات الاتصالات والسكن،  أو طبيعة البيئة الخالية من فرص العمل والتي تختلف من مدينة الى أخرى، وتراجع  الخدمات أضاف  إنفاقات على الفرد في  التنقل  وشراء الخدمة بأثمان باهضة، وكل العوامل تجعل من هذه البيئة غير متعلمة وغير صحيحة لا تستطيع أن تنتج، وإن انتجت فبأقل  أو جزء كبير منه سيذهب  لإنقاقات التنقل  والسكن بعيدًا عن العائلة.

إن القضايا التي طرأت على الواقع العراقي، وحجم ضحايا الحروب، كلف مناطق كثيرة  خسائر من شهداء وجرحى، وهؤلاء إما أيتام  قاصرون عن العمل براتب زهيد، أو جرحى  ومعاقون لا يكفي راتبهم التقاعدي لشراء الدواء وحاجة الرعاية الصحية، وهكذا اختلف الفقر من محافظة الى أخرى، ومن مدينة داخل المحافظة لغيرها، ووصل الفقر الى نحو 25‎%‎ من السكان  وتقدر اعدادهم 11 مليون عراقي، قرابة 3 ملايين يتلقون منحًا شهرية، من بين 9 ملايين يستحقون المساعدة، والحكومات لا تستطيع استيعاب الاعداد، وما يمنح لا يتناسب مع ما يمنحون، وتصدرت السماوة  بنسبة فقر 52‎%‎  ثم الديوانية 49‎%‎  ثم الناصرية 44‎%‎ وبعدها ميسان وبابل.

طبيعي جداً  أن ينال ويفقد المكون الأكبر، أكبر الحصص سواء  في حجم التنمية المجتمعية، أو مخلفات الظروف وإنعكاساتها على واقع الفقر،  لكن ليس من الطبيعي أن يتفوق بالفقر والمعاناة، ويتراجع مستوى تقديم الخدمات  والتنمية، في حين  أن حصصه السياسية والتنفيذية والتشريعية  كبيرة تتناسب مع حجمهم داخل البلد، ولكن كما يبدو  أن غياب التخطيط والفساد  قد نال قدر أكبر، فأخذ من مساحة التنمية والخدمات  ورفع الواقع الإقتصادي،  الى  تقصير أدى الى فقر لا يتناسب مع عدد السكان والامكانيات البشرية والطبيعية، ولا حتى حجم التضحيات التي قدمت للحفاظ على النظام  السياسي.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك