عدنان جواد ||
الجميع يعلم ان الحكومة تختلف عن الوطن، وهي في بعض الاحيان لا تمثل الوطن والشعب بكل مسمياته، كما حدث في الانظمة الشمولية والدكتاتورية عبر التاريخ ولازال يحدث، والخلاف مع الحكومة وتراكم المشاكل لا يحلها تخريب شارع وحرق مؤسسة وتدمير جسر وتفجير مدرسة، في مقال للكاتب البريطاني " روبرت فيسك" الذي عاش في البلاد العربية اكثر من (30) عام، والذي يعد اشهر الصحفيين الذين يعارضون السياسة الأمريكية والبريطانية، ولا زال مراسل لصحيفة الاندبندت البريطانية، يقارن بين الحكومة والوطن في البلاد العربية هو كالفرق بين البيت (داخل المنزل) وبين الشارع، فتجد المنزل نظيف ومرتب وبمجرد ان تخرج الى الشارع تظهر لك الاوساخ والمطبات والحفر، وهذه الظاهرة نتيجة اننا نعتبر المنزل ملك خاص من الواجب علينا الاعتناء به، والشارع ملك للحكومة .
الاوضاع السياسية اثرت في مزاج الناس، فعلى مدى عقود من الزمن كانت الحكومات تسير في واد والشعب في واد اخر، ففي العراق الحكومات كانت تعمل ضد الشعب وليس لمصلحته، وكان الجيش والقوى الامنية تخدم النظام والحكومة، وقد شاهدنا المقابر الجماعية، والاعدامات والتعليق في الشوارع، وتدمير مدن وقصف ابناء البلد بدبابات وطائرات تحمل علم بلادهم، وكانت النتيجة في اول اختبار سقط النظام والحكومة التي يمثلها لأنها وقفت بالضد من ناسها وشعبها واهتمت بحواشيها والمقربين منها فقط، وكانت تقرب وتكرم الحمقى وتترك المستحقون للإهانة والذلة، والكيل بمكيالين.
وبعد عام 2003 وفي ظل الديمقراطية، البعض سماها فوضى، والبعض سماها فرص ضائعة واموال مسروقة وجهود مهدورة، بنيت دولة المكونات حسب ارادة الولايات المتحدة الامريكية التي احتلت العراق عسكرياً( الاكراد والشيعة والسنة)، والامريكي لم يسقط نظام فقط بل دمر بلد ومجتمع ، حتى اننا صرنا نردد ما تقوله بعض القنوات الاعلامية المغرضة، بان دولة المكونات لا يمكن ان تحظى بثقة الشعب والدول القريبة والبعيدة ، وان العراق اصبح في خبر كان ولا يمكن ان ينهض من جديد، فالطبقة السياسية تتهم بانها مقسمة في العمالة بين الذيل الامريكي والاسرائيلي والذيل الايراني والذيل التركي والسعودي وغيرهما، ودفعنا ثمن تلك العمالات المتفرقة دماء وخراب بلد وضياع حقوق ومستقبل اجيال.
في هذه الفترة تم تنظيم بطولة خليجي 25 ، تلك البطولة التي غابت عن الملاعب العراقية منذ 1979 نتيجة الحروب وعدم توفر الامان، صحيح ان بعض الدول العربية كانت سبب في بعض الحروب ودفعت الاموال من اجل استمرارها، سواء قبل 2003 وما بعدها، لكن ما ذنب هؤلاء الشباب من الشعوب العربية الخليجية، وان السبب الرئيسي هو الحكومات والانظمة التي تمارس الحكم وتظلل شعوبها بالإعلام الكاذب، وهي فرصة تطلع فيها الشعوب العربية على الشعب العراقي ومقدار الظلم الذي تعرض له من حكوماته المتعاقبة ومن اعلام دولهم المظلل ، ومن محاسن هذه البطولة الخليجية انها وحدت الشعب العراقي بجميع توجهاته السياسية والحزبية والشعبية تحت مظلة الوطن، فكان النجاح في تنظيم الافتتاح ، فالجميع اشاد بالجهود المبذولة، وانها تمثل العراق من الجنوب الى الغرب والشمال.
لذلك فان خلق الهوية الوطنية وحب الوطن مسؤولية الجميع ، وتبدا من الاعلى الى الاسفل وليس العكس، فعلى القائد ان يكون عابر للقوميات والاثنيات، ويبتعد عن تحجيم نفسه على حزبه وحاشيته وخواصه، وان يطبق القانون على الجميع بدون استثناء، وان يكون الشرطي والجندي محترم من الجميع لانهما يمثلان القانون فعندما يكون القائد طائفي تنتقل الطائفية الى قاعدة الهرم، وعندما يكون عنصري تنتقل العنصرية لأبناء الشعب فتحدث بينهم الفوارق الطبقية والمناطقية كما كان سائداً في زمن الدكتاتورية كا( الشروكية) وغيرها من الصفات التي تطلق على بعض المناطق للانتقاص من شانها، فلابد من التفريق بين الحكومة والدولة ، فالحكومة مكونة من مجموعة من الاشخاص تتولى المسؤولية في الحكم(الادارة) ، وهي في الانظمة الديمقراطية تقدم الخدمة للناس لكي تنال رضا الشعب الذي تحكمه فترة حكمها القصيرة، والدولة تمثل الوطن بكل مكوناته الجغرافية من جبال وسهول ووديان وانهار وصحارى ، والبشرية وهي الاهم في الدول التي تحترم نفسها، ونتأمل خيراً بالحكومة الحالية بقضائها على الفساد ومحاسبة الفاسدين واعادة الاموال المسروقة، وتقديم افضل الخدمات، والنجاح بلم شمل العراقيين بعيداً عن التأثيرات الخارجية .
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha