محمد المالكي ||
الشهادة هي منزلة و درجة من درجات الآخرة، يصل إليها الإنسان عندما يبلغ مستوى معين من الأيمان، ويعمل بجد و إخلاص في سبيل الله سبحانه و تعالى، و هي من المراتب الخاصة التي يخصّ بها الباري عزّ و جلّ، خاصة أولياءه، بعد أن يجتازوا الإختبارات الصعبة في مراحل الحياة الدنيا، وكما قال عزّ من قال:(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)[آل عمران ١٦٩].
إذاً الشهادة حياة، وقربٌ من المحبوب، ورزق كريم من عنده جلّ و علا.
لربّما تنامى مفهوم خاطئ للشهادة في الأمة، حتى أصبح من المسلّمات، وهو أن كل من يقتل في ساحة المعركة، فهو شهيد، وكل من يموت على فراشه لم ينل الشهادة، و هذا المفهوم يقدّم صورة ناقصة عن الشهادة، فكما قلنا فهي منزلة و مرتبة من مراتب الآخرة و يصل إليها الأنسان بعمله و أيمانه، فللدخول ألى بستان الشهادة عدة أبواب، أحدها القتل في سبيل الله، فالجود بالنفس أقصى غاية الجود، فالمقتول في سبيل الله له منزلة عظيمة لا شك.
لكن ليس بالضرورة من يقتل في ساحة المعركة، يكون شهيداً عند الله سبحانه، نعم ربما نلقبه بالشهيد، وعند أقامة العزاء له نقدمه بأسم "الشهيد فلان"، لكن هل هو عند رب العباد شهيد؟.
إن نيل مقام الشهادة مقرون بأعمالنا في الدنيا، فالشهيد لا يكون شهيداً عند موته مالم يكن شهيداً في حياته، و كأن الشهادة أسلوب للحياة يؤدي في نهاية المطاف، أن يختم الأنسان حياته بنيل درجة الشهادة.
و الأحاديث الشريفة عن النبي و أهل بيته، صلوات الله تعالى عليهم،التي تصف الشهادة كثيرة، منها: (عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في حديث عيادته مع أصحابه لعبد الله بن رواحة -: من الشهيد من أمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يقتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن شهداء أمتي إذاً لقليل!، الشهيد: الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم والغرق، والمرأة تموت جمعا، قالوا: وكيف تموت جمعا يا رسول الله؟ قال: يعترض ولدها في بطنها)[ البحار-٨١/٢٤٥/٣٠]،
و أيضاً عن الأمام الصادق عليه السلام(من مات منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله)[فضائل الشيعة ٧٣],
و عن الأمام زين العابدين عليه السلام (من مات على موالاتنا في غيبة قائمنا، أعطاه الله أجر ألف شهيد، مثل شهداء بدر وأحد)[البحار ٨٢-١٧٣-٦].
من كل ما تقدم من أحاديث شريفة، نستنتج أن نيل درجة الشهادة، متاح للجميع، وهنا نستذكر مقولة، للواء الأسلام العظيم، الشهيد الحاج قاسم سليماني، في أحد مقابلاته مع مجموعة من المجاهدين:( أنك لن تنال الشهادة مالم تكن شهيداً في حياتك)، أذاً فلنكن شهداء قبل أن نموت.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha