المقالات

قصة الكاتبة الفرنسية كليرا غالوا مع العاطلين


اسعد عبدالله عبدعلي ||

 

الكاتبة والروائية الفرنسية كليرا غالوا بعد ان ذاع صيتها, ونشرت 11 رواية في اكبر دور النشر العالمية, وحصلت على الكثير من الاوسمة والتكريم والجوائز, وذات يوم قررت ان تقوم بفكرة عجيبة, لم يسبقها احد اليها, فخرجت بدعوة عبر الصحافة للعاطلين عن العمل في فرنسا, ويقدر عددهم في ذلك الوقت ب خمسة ملايين فرنسي عاطل, حيث خاطبتهم بالعبارة التالية: (اكتبوا لي وسأحاول ان اؤلف كتابا عن رسائلكم).

وبالفعل لم يتكاسل العاطلون عن العمل في الكتابة اليها فورا, واستلمت الروائية قرابة الاربعمائة رسالة من مختلف مدن وقرى واقاليم فرنسا, رسائل من الرجال والنساء, والكهول والشباب, وتتكدس في صندوقها البريدي, بل وتفيض لتفترش الممر المؤدي الى شقتها, رسائل تحكي حجم معاناة العاطل عن العمل, وقد اختارت الروائية اربعين رسالة من الاربعمائة.

لتحكي للعالم عبر كتاب معاناة وعذابات العاطلين عن العمل, وان كانت اسماء اصحاب الرسائل موجودة في مكتب التشغيل الوطني الفرنسي, الا انها اخذت بعدا اخر بقلم الكاتبة كليرا, حيث اكتسبت روحا وجسدا ولغة, بعد ان كانت جثث مدفونة في صناديق حفظ طلبات التعيين والعمل.

وعبر فصول الكتاب كشفت الكاتبة كليرا شيئا فشيئا تفاصيل واسرار تلك الاسماء, بعيدا عن الهم المشترك الذي يجمع العاطلين عن العمل, حيث ابرزت شخصياتهم, وكان جميعهم يسرد كيف سقط الواحد تلو الاخر في هذا المستنقع المميت, حيث الفقر والعوز والاقصاء والعزلة, انهم (هم – هن) يسردون ويسردن حالة التطفل الاجتماعي ويشعرون بالخجل, بل هنالك من يتنمر عليهم بسبب البطالة, بدل المساندة والدعم والتشجيع, فكيف لمن يحصل على شهادة الدكتوراه ويبقى يلهث بحثا عن فرصة عمل! وكانت خيبة الامل تلاحق العاطلين عن العمل فكلما راجعوا جهات التوظيف كان الجواب واحد: (اليوم لا يوجد عمل لك).

وحقق الكتاب (شرف العاطل عن العمل) نجاح كبير لانه معبر عن محنة فئة من المجتمع, قد فتحت لهم الكاتبة كليرا مساحة للتعبير عن ذاتهم, فهم لم يخلقوا ليعيشوا عاطلين عن العمل, بل كانوا يحلمون ان يعيشوا مثل اي انسان يعلموا ويتزوجوا ويتطوروا, لم يتصوروا انهم يتحولون لمستنقع البطالة والذي هو كارثة بحق الانسان.

•  دعوة

كم نحتاج من كتابنا ومبدعينا ان يتصدوا لمشاكل المجتمع, ويكتبوا عنها كما فعلت هذه المبدعة الفرنسية لتنتج كتابا عن العاطلين, وسلطت الضوء عن معاناتهم عبر سردهم انفسهم لمعاناتهم, فالضغط الاعلامي على جهات القرار يجعلها تستجيب وتفعل الصواب, فيا ايها الشرفاء اسمعوا مأساة وهموم اخوتكم في البلد, واكتبوا عنها, ولتكن قضيتهم قضيتكم, ولا تعيشوا في بروج عالية وتكتبون عن اشياء لا تنفع الانسان, انتم اصحاب مسؤولية ويجب ان لا تخذلوا اخوتكم, لذلك تحملوا مسؤوليتكم واكتبوا اشياء نافعة تغير الواقع الضحل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك