عباس الاعرجي ||
نتمنى أن يكون عنوان المقال بالمقلوب وعكس مانقول تماماً ، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، والحقيقة غالباً ما تكون خلاف التمنيات .
العراق بلا قيادة ولاسيادة ولا حتى أدنى من هذا الوصف .
فبينما أنا أعد العدة للكتابة ، هاتفني أحد مروجي نظرية السيادة المزيفة مستنكراً وبشدة ، دعوى خلو العراق من هاتين الورقتين .
فجلست منتصبا بعد أن كنت مستلقيا ، وعند مطالبتي إياه بالدليل أخذ لسانه يتلعثم بمخارج الحروف ، لكنه حين شعر بالاعياء ، قال طيب ياسيدي وما السبيل .
فأجبته وعلى عجالة من أمري ، إجلس كجلستي جزاك الله ، واصغي الى ما تسمعه أذناك مني جيداً ، أنت ومن حولك وكل أبناء الشعب العراقي هذا أولاً .
وثانياً وقبل كل شيئ ، كلنا قد سمعنا بمقولة ..إذا عرف السبب بطل العجب .
طبعاً أنا أشكرك على حسن الاصغاء ، ولنأتي في البداية وبهدوء وبرودة أعصاب ونفكك مفردات عنوان المقال ، فالمقال يحتوي على عبارتين القيادة والسيادة أليس كذلك .
فلنترك في البدء مفردة القيادة ونركنها على جانب ، ونتناول عبارة السيادة لاسيما ونحن أهلها كما ندعي ولله الحمد والمنة ، إلا أنني أشعر بالجوع لاني أستيقظت مبكراً وعند بزوغ أول خيط من خيوط الشمس الذهبية ، ولم أتناول الافطار لحد الآن ، والحديث عن القيادة يحتاج الى وجبة دسمة من قيمر السدة ودبس كربلاء ، لعلها تسعفني على تخطي هذه المرحلة الشاقة ، بالاضافة الى صفاء البال وإحظار جعبة كاملة من الاقلام الجيدة .
أجل الحديث عن القيادة ، حديث ذو شجون ونكد وألم ومرارة ، ولا أرغب أن تشاركونني في متاهات ودهاليز عنوان أدمى القلوب وأدمع العيون وأقرح الجفون ، واعذروني لقد طال بنا المقام ولنعود الى تشريح عبارة السيادة .
هنا أحسست بالحرج عزيزي القارئ ، ولو تسمح لي بالانسحاب والتراجع عن كتابة مقال اليوم أكن شاكرا لفضلكم ، فحقاً أنا الآن في ورطة حقيقية ، فقد أوعدتكم وكنت أحسب أن موضوع السيادة سهلٌُ يسير ، ولكن فاجأني حجي بايدن مشكورا بتغريدة ... جاء فيها قف يا أيها ألأبله أنتم وما تملكون تحت قدرتي وتصرفي وأنا المعطاف عليكم متى ما أشاء .
إي ورب الكعبة هذا هو المكتوب في ورقة السيد الرئيس بايدن ، وبتوقيع فخامته وبالخط الاحمر ، ولا يذهبن بكم الوسواس أن ما مدون أعلاه ، هو نكتة من نكات السنة الجديدة .
عن أيِّة سيادة تتحدثون والحديث ما زال لبايدن ، إغربوا عن وجهي لا بارك الله فيكم ، فهذه دراهمكم ودنانيركم من بيع نفطكم في البنك الفيدرالي الامريكي ، وأنا الولي والوصي ورب البيت ، أتعلمون بهذا الموضوع أو تريدون أن أصارحكم بالمزيد .
وأردف جلالته قائلا ، لقد أزعجتموني يا أصحاب إكذوبة السيادة المزعومة زورا وبهتاناً ، فعلى مهلكم ولا تتعجلوا سأزيدكم من الشعر أبيات ولا أكتفي بالبيت الواحد هذه المرة ، إن ثمن ملبسكم هذا الذي تتعممون به وتسترون به شرف نساءكم خاضع لمزاجي ورغباتي أنا فقط لا غير ، وهي بعنوان هبة وصدقة جارية .
ودعانا سماحته نحن الكتاب والمثقفين قبل أن يغادر المنصة ، الى الكف عن التنظير والكذب والخداع ، والقبول بواقع الحال ، ثم عرَّج الى موضوع الفساد وكيف أنه إستشرى كل النار في الهشيم ، وأنه تسرب الى كل مفاصل الدولة وبدون إستثناء ، و فاق في قوة نخره دابة الارض لمنسأة سليمان ، وسنخر كما خرّ هو عليه السلام وسنلبث أيضا في العذاب المهين .
لاننا فقدنا السيادة والقيادة معاً .
والسيادة تتعذر بغياب القيادة .
وإنا لله وإنا إليه راجعون .