منهل عبد الأمير المرشدي ||
اصبع على الجرح.
مشكلتي هي ذاتها منذ طفولتي افتقر الى المجاملة على حساب الحقيقة او التغليس عن الحق وهذا ما اتعبني كثيرا في حياتي وافقدني يعد سقوط الصنم الكثير من فرص الإرتقاء في مغريات الدنيا من المال والمنصب والسلطة . ألجأ كثيرا الى الصمت حيث وجدتنا في واحة التساؤلات من دون اجابة مقنعة .
رحبنا بالسيد السوداني رئيسا للحكومة لتأريخه النزيه ولإنتمائه الى كتلة الإطار ذات الإرث الجهادي وما زاد من تأييدنا له هو انه جاء بعد اسوأ واخطر حكومة لمصطفى الكاظمي الفاقد لأدنى كارزما الرجولة والرئاسة والقرار . ليس هذا فحسب إنما ما كنّا نسمعه من السيد السوداني من تصريحات رافضة لصعود صرف الدولار ورأيه في وجوب تخفيض رواتب الدرجات الخاصة ونصرة الفقراء واالمتقاعدين ووقوفه مع تطلعات الشعب في اخراج القوات الأمريكية من العراق .
كلها كانت اسباب دعمنا للسوداني فماذا عدا مما بدا . السوداني يعلن تأييده لبقاء قوات الإحتلال الأمريكي وهو بذلك يقف بالضد من قرار مجلس النواب العراقي بل وبالخصوص الأغلبية الشيعية التي صوتت على القرار !
السوداني يقف عاجزا صامتا امام ارتفاع سعر الصرف للدولار فيما يعاني الفقراء من كارثة ارتفاع الأسعار ! السوداني لم يصدر اي قرار بتعديل رواتب المتقاعدين المظلومين والرواتب المتدنية !!
الأكثر من هذا يقف السوداني عاجزا عن تنفيذ (توجيهاته) بعدم لقاء المسؤولين العراقيين بالسفراء والمسؤولين الأجانب من دون موافقة الخارجية العراقية وها نحن نرى المحافظين والوزراء وسياسي الإقليم يصولون ويجولون ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ! اتفاقية الصين امست في خبر كان وطريق الحرير حكاية عفا عليها الزمن وداعش تنهض من جديد وغير ذلك الكثير الكثير .
هي مشلكة بحق . لا ندري ما هو الحل ؟ ويقال فيما يقال من حكايات جدتي إن احد الملوك كان لديه حمار في الحديقة وفي سهرة من سهراته رغب ان يلهو مع وزرائه وحاشيته فقال : من يعلم الحمار القراءة والكتابة وله الف دينار من الذهب . اجاب الجميع بانه لا يمكن ذلك ابداً وعم الصمت . ثم جاء الصوت من بعيد : انا يا جلالة الملك .
تعجب الجميع واستداروا واذا به احد الخدم وهو كبير بالسن فطلب منه الملك الاقتراب وبيان كيفية ذلك . طلب الخادم ان يحصل على المال مقدما ثم ان يصطحب الحمار معه الى منزله وان لا يسأله احد او يستدعيه طيلة مدة اقصاها ثلاثة اشهر .
بعدها يأتي بالحمار يقرأ ويكتب ايضاً بل وربما يتحدث بأكثر من لغة ! تعجب الملك من كلامه ورغم عدم اقتناعه وافق وامر بتسليمه المال والحمار وحدد موعد الحضور واشترط عليه أمام الجميع إنه اذا اخلف بوعده فسيتم اعدامه وهكذا تم الاتفاق . بعد شهر ونصف تساءل الملك عن حال هذا الخادم فبعث جواسيسه ليشاهدوا ماذا يفعل بالحمار . تابعوه فوجدوا انه لا يفعل شيء سوى ان يأتي للحمار في كل صباح ويضع له الماء والطعام ثم يكلمه بثلاث كلمات ( أما وأما وأما ) ويغادر حتى اليوم التالي. اخبر الجواسيس الملك بما رأوا.
فارسل بطلبه وقال له انا اعلم ان المهلة لم تنتهي ولكني اريد ان اعرف ماذا تفعل وهل تعلم الحمار شيء حتى الآن وما حكاية الكلمات الثلاث . اشرأبت عينا الخادم البائس المتورط وطلب منه الامان فوافق الملك وقرر أن يعفو عنه مقدماً . قال له يا جلالة الملك انا محتاج وفقير وطمعت بالمبلغ الذي لم احلم به قط فاردت الحصول عليه وبما ان المدة طويلة ثلاثة اشهر فإن الله سيغير بها من حال الى حال وكنت اخاطب الحمار واقول له ( أما وأما وأما ) هي : أما ان اموت انا وارتاح او اما ان تموت انت ( اي الحمار ) ؟ واتخلص من المسؤولية او اما ان يموت الملك ونخلص نحن الاثنان معاً ..
ضحك الملك وبعد وساطة حزبية قوية وتدخل البرلمان الإتحادي مع برلمان الإقليم وتغاضي المحكمة الإتحادية وسكوت القاضي اعفي عنه .
نعود الينا اليوم وبعد ان افتقدنا الثقة وضاعت الكلمة فاما ان يموت الشعب كي ترتاح الحكومة او اما ان تموت الحكومة والبرلمان ؟ كي يرتاح الشعب او اما ان يجف النفط في العراق حتى يرتاح الجميع .
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha