ايفان العودة ||
أحدثت ثورة التعبير الفردي؛ التي أطلقتها مواقع التواصل الاجتماعي نقلة كبيرة في مجال التعاطي مع الرأي العام وصناعته؛ وذلك لأنها غيرت الكثير من المفاهيم، وقلبت راسا على عقب نظرية الاتصال التقليدية، التي كانت قائما على رسالة ومرسل ومستقبل، فقد غيرت أداة النقل، وكسرت احتكارها من طرف المرسلين الكبار، وجعلتهم في أغلب الوقت مستقبلين، بعد أن كانوا مرسلين كل الوقت.
لقد غيرت هذه الثورة من بين ما غيرت؛ أيضا طريقة النقل، وبالتالي محتوى الرسالة إلى حد ما، وذلك بإلغاء الكثير من عمليات التنقيح، والتنميط، والإخراج التي كان المحتوى يخضع لها، من منتج الرسالة قبل النشر، والتوزيع. وكذالك أختفى دور دور حارس البوابة، ولقد جعل هذا التغيير المحتوى، يخرج إلى المتلقين من دون أي غربلة، كما جعله في كثير من الأوقات؛ غير دقيق بالمرة، ولذا فإن التفاعل معه سيشبه تلقائيته، بل وغوغائيته أحيانا.
· المواطن الصحفي.
لقد أصبح لكل مدون قناته التلفزيونية، وموقعه الألكتروني الخاص، ولذلك أصبح كل صانع قرار متلقيا، لأنه معني بالرأي الذي يصدر عن المواطنين؛ في القضايا التي يباشر العمل عليها.
وقد أدت طبيعة العلاقات، والتأثر المتبادل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلى تغيير اهتمامات كثير من المواطنين الصحفيين؛ فبدل إبداء الرأي فيما يستجد من قضايا، ونشر أخبارهم الخاصة، واتسعت اهتماماتهم، فأصبحوا ينقلون الأخبار العامة، وتطور بعضهم إلى أن أصبح منصة للنقاش الحر، وإبداء الرأي، وأصبح بعضها منصة للأخبار..
بعض الصفحات انفردت بأخبار حصرية، ومعلومات دقيقة، وأخرى انفردت بمقالات رأي وقصص عن أشخاص مختلفين... ومن المفارقة أن هذه الصفحات كانت بأسماء مستعارة، إضافة إلى صفحات أخرى لصحفيين وإعلاميين لا يملكون مؤسسات صحفية، لكن صفحاتهم تشهد تفاعلا كبيرا.
لقد أدى هذا التغيير في دور النخب، من مصدر حصري للأخبار والمعلومات والآراء إلى متلق لكل ذلك، أدى إلى جعل التأثير الذي يخلقه هذا الإعلام مضاعفا، فإذا كان صانع الرأي التقليدي، أو صانع القرار يؤثران في الرأي العام، والمواطنين العاديين، فإن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي ارتقى إلى صناعة رأي صناع الرأي.
لذلك فإن تأثيره في الرأي العام الوطني، وصناعة هذا الرأي أصبح تأثيرا مضاعفا.
هذا التأثير لم يقتصر على صانعي القرار، أو صانعي الرأي العام أفرادا، بل انتقل إلى المؤسسات أيضا.
https://telegram.me/buratha