لمى يعرب محمد ||
مما لا شك فيه، إن القران الكريم هو القانون والشريعة الصحيحة والسليمة لجميع مفاصل الحياة، برغم ما سارت وتسير به القافلة البشرية من تقدم وتطور ظاهري، يبقى القران الكريم ذات شأن أكبر وأوسع من شأن الإنسان نفسه في عالم الدنيا، وان تطبيق قوانين القران هي حياة فضلى لكل البشرية الى يوم القيامة، فهو لم يقتصر فقط عن التحدث بالقانون الدنيوي، بل أشار وأوضح قانون الآخرة، وتحدث أيضا عن الخلود والجحيم، وتناول مبدأ الحياة الكريمة بكل تفاصيلها من أخلاق وسياسات، وجعل لكل منها ضوابط ومقاييس، ونحن بدورنا مأمورون وملزمون في هذا الكون بتطبيق جميع الموازين الصحيحة للقانون القرآني.
تقول القاعدة في النص القرآني"والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما جزاء بما كسبا"، ما المعنى اللغوي للفظة "السرقة والقطع"؟..
وهل يشترط هنا معنى السرقة بمفهومها العام ؟.. والذي هو سرقة المال والمتاع.
تعرف السرقة لغويا"هو السطو غفلة وخفية، على حرز ومتاع الغير"، أو"من أخذ المال خفية بدون وجه حق"، وللسرقة أنواع، يقال سارق النظر"وهو من يترقب غفلة لينظر له"، وسارق السمع "هو من استمع إليه مستخفيا"، قوله تعالى"إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين"، السارق اسم فاعل وهو من قام بفعل السرقة لأكثر من مرة، فأصبحت مهنته وطابعه الخاص، ويضرب المثل حين يقال يسرق الكحل من العين، أي انه ماهر في الاختلاس.
أما لفظة القطع، فيكون معناه اللغوي "الفصل أو الفرق"، يقال قطع الصوف أي جزه، وقطع الورق أي فرقه وفصل بعضه عن بعض، وقطع الأمل أي قطع الرجاء.
ويأتي بمعنى الكف والبعد، يقال (اقطع لسان القوم) أي كفهم وأبعدهم عن الكلام، قوله تعالى"فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم"، أي تقطعون الصلات بينكم وتبتعدون عن صلة الرحم وتتفرقون، وقوله تعالى" فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله"وهنا التقطيع بمعنى الجرح وخدش اليد.
وبعد عرض المعنى اللغوي العام للفظين السرقة والقطع، نتناول المعنى الأخلاقي والتربوي للآية الكريمة، نحن بحاجة أولا، معرفة إن هذه الحدود لا تحقق، إلا إن كانت شريعة القران موجودة فعلا على ارض الواقع، تحاكي واقعنا التربوي والانساني، وبذلك يتبين لنا إن تنفيذ الحد للقانون القرآني، مطلقا وشاملا لجميع السرقات، فمن سرقك باسمك أو عرضك أو مالك وأساء لك خلسة واحتيالا فهو سارق، ويوجب إقامة الحد عليه، من خلال محاسبته وإلزامه بكف الأذى والتعدي، لما فيه من صيانة النفس والمال والعرض، ومنعه من عودة مزاولته السرقة، عن رسول الله(ص)"أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤول عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولة عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤول عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ".
وصاحب الدار أدرى بالذي فيها..
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha