محمد علي سالم السلطاني ||
فتاوى حفظت وجود الأمة ..!
منذ رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأعداء الاسلام ما انفك عدوانهم وتآمرهم على الدين والأمة الاسلامية بكل ما أوتوا من قوة ومكر ودهاء وخديعة ، بهدف القضاء على هذا الدين وطمس معالم الشريعة وتحريفها وإفراغها من محتواها كما فعلوا بالديانات السماوية السابقة.
فتارة يأتي العدوان خارجي مُعيَّن بالذات، واضح المعالم، سهل التشخيص، وهنا يتيسر على الأمة معرفته والتصدي له ، وأخرى يكون التحدي داخلي من جسد الأمة متلبس بلبوسها مستتراً بقيمها وعقائدها، وهذا أخطر صنف من أصناف التحديات التي تواجهها الأمة، لأن المواجهة هنا ليست مواجهة أسنة ورماح بل هي معركة البصيرة.
وحرب المنافقين التي حذر القرآن الكريم منها، والتي كانت أشد ألماً وأذىً على النبى وآله وعلى المسلمين والسقيفة أبرز مظاهره.
وسواء كان العدوان أو التآمر داخلي أو خارجي، فأن النبي ومن بعده أئمة الهدى صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين لم يتركوا الساحة خالية من دون قيادة تبحر بالمسلمين الى بر الأمان، تحرس ديارهم، وتحفظ دينهم من التشويه والانحراف ، وهذه القيادة بيَّنَ الائمة الأطهار معاييرها ومواصفاتها ، وهي متمثلة اليوم بالفقهاء العدول فهم الإمتداد الطبيعي لسيرة المعصوم وقيادته للأمة.
لقد شهدنا ولا زلنا نشهد التآمر والعدوان غير المسبوق الذي تعرضت له الأمة الإسلامية في الماضي والحاضر ، اذ اصطف الأعداء وعزموا ان لا يبقوا لهذا الدين ولهذه الأمة من باقية ، وكانت الحرب على مسارين ،
مسار تقليدي، حصد أرواح المسلمين، وهدد وجودهم على الأرض من خلال التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت الكثير من البلدان وكان العراق وسوريا واليمن في طليعتها ، مرتكبة جرائم إبادة جماعية غير مسبوقة.
وهنا جاء دور القيادة العلمائية في حفظ كيان الأمة ووجودها، فأصدرت فتوى الجهاد الكفائي من النجف الأشرف لتستنهض الأمة وتلملم شتاتها وتبث فيها روح المقاومة والتصدي والدفاع عن وجودها ، في المقابل أظهرت الأمة طاعة واستجابة منقطعة النظير، حققت فيها نصراً ميدانياً ساحقاً ماحقاً غير كل خطط الإرهاب وداعميه.
لتأتي عقب ذلك معركة أخرى، معركة لا يستخدم فيها المدفع والبندقية ، إنها معركة الوساوس والتشكيك وضرب العقائد من داخل الإسلام ومن أبناء الإسلام أنفسهم وتخريب الفكر وحرف الأمة فكرياً وجرها الى مستنقع الرذيلة والفساد من خلال غزوها فكرياً ، معركة أدواتها الإغراء والمكر والحيلة والخداع،
وأنها لعمري أشد ضراوة من ضرب السيوف وطعن الرماح وأزيز الطائرات ودخان البالستيات إنها بحق معركة المتصدي فيها مجاهداً في الجهاد الأكبر ..!
وهنا أيضاً برز دور القائد في قيادة الأمة ووضع خطط الدفاع والهجوم المناسبة ، فانطلقت أعظم فتوى من أعظم فقيه قائد، حيث أصدر الإمام الخامنئي (دام ظله) فتوى جهادية غير مسبوقة، لتكون السد المنيع الذي يحمي المنظومة الفكرية للمسلمين من التخريب انها فتوى جهاد التبيين...!
جهاد الفكر، جهاد العلم، جهاد المعرفة، جهاد البصيرة ... اذ استهدف العدو هذه المرة بصيرة الناس، ومنظومة الاسلام الفكرية، فكان جهاد التبيين هو العصا التي تلقف ما يأفكون، وصار لزاماً على علماء الأمة ومثقفيها وكتابها وكل ذي علم ومعرفة فيها ان يأخذوا دورهم في تحصين الأمة فكرياً والدفاع عنها، ورد الشبهات، وفضح أساليب الباطل المتلبسة بثوب الحق.
وهنا سطرت الأمة أيضاً أروع حالات الاستجابة، إذْ استنهضت وتحركت الماكنة الإعلامية والفكرية الكبرى للمسلمين، وتفجرت الطاقات الإبداعية التي أسقطت كل المراهنات، وأحالت وساوس الشيطان كالرماد تذروه الرياح.
فكان جهاد التبيين والجهاد الكفائي هما الجناحان الذي تحلق فيه الأمة الإسلامية نحو المجد والخلود.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha