الشيخ محمد الربيعي ||
نبارك الى الامة الاسلامية ولادة الامام محمد الجواد ( عليه السلام ) ..
كتب الامام الجواد ( ع ) ، إلى أحد أصحابه وكان متولياً لأعماله (في نشر أفكار أهل البيت وجمع الحقوق الشرعية):
"بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي (علي بن مهزيار الأهوازي) أحسن الله جزاك وأسكنك جنّته، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة، وحشرك الله معنا، يا عليّ، قد بلوتُك وخيّرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك، فلو قلت إنّي لم أرَ مثلك، لرجوت أن أكون صادقاً، فجزاك الله جنّات الفردوس نُزُلاً، فما خفي عليّ مقامك ـ فهو(ع) يتابع أعمال مواليه حتى وهم في الأمصار البعيدة ـ ولا خدمتك في الحرّ والبرد، في الليل والنهار، فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها إنَّه سميع الدعاء".
إنّ هذا الكتاب يدلّ على أنّ الإمام الجواد(ع) كان في أسلوبه التشجيعي للمخلصين من أصحابه، يؤكد لهم الثقة بهم والتقويم لأعمالهم ولدرجاتهم في الإخلاص والنصيحة والطاعة، ليزدادوا بذلك إخلاصاً، وليشعروا بأنّ القيادة الإسلامية الإمامية غير بعيدةٍ عن كلّ ممارساتهم الصحيحة الخالصة، وهذا ما ينبغي للقياديين أن ينهجوه ويقتدوا به في عملية إيحاء بالتقدير للقاعدة في متابعاتها ومبادراتها الخيّرة.
وفي مشهد اخر نرى ان الامام الجواد ( ع ) ، يطلب منه أحد الموالين أنَّ والياً للعباسيِّين يتولّى أهل البيت(ع)، وكان هذا الشخص ممن أثقل عليهم دفع الخراج للسلطة، فطلب من الإمام الجواد أن يكتب إليه ليخفّف عنه كونه من "محبّيكم"، فأخذ القرطاس وكتب:
"بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإنَّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً، وإنَّ لك من عملك ما أحسنتَ فيه، فأحسنْ إلى إخوانك، واعلم أنَّ الله عزَّ وجلّ سائلُك عن مثاقيل الذرّ والخردل"
إن هذه الرسالة توحي بأنّ وصيّة الإمام لهذا الوالي بالإحسان إلى إخوانه لم تقتصر على الجانب الشخصي في الوصية، بل تعدّتها إلى المنهج الذي لا بد للوالي أن يتبعه في موقع ولايته في الإحسان في عمله، فلا يكون الموقع السلطوي لديه شأناً شخصياً يزهو به وامتيازاً يرتفع به عن الناس، بل مسؤولية في ممارسته الإحسان في عمله بكلِّ الوسائل والأساليب التي يجد فيها إخوانه والناس الآخرون حركة الإحسان إليهم في ذلك، بما يفرضه الموقع من خدمتهم، كما أنّ الوصية أرادت له أن يكون دقيقاً في حساباته في ما اؤتمن عليه من خلال إيمانه بأنّ الله سوف يسأله عن أقلّ الأشياء حتى عن مثاقيل الذرّ والخردل، كتعبير عن أصغر الأمور في حساب المسؤولية..
وهذا ما يوحي بأنّ الإمام الجواد(ع) كان يتابع شيعته الذين يتولّون مسؤوليّة رسميّة في مواقعهم في سلطة الخلافة، ليوجّههم إلى أن يكونوا النموذج الأمثل للمؤمن المسؤول في الإحسان في عمله وفي محاسبة نفسه وفي الإحسان إلى إخوانه.
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و اهله
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha