كندي الزهيري ||
· ميلان كونديرا، هو كاتب وناقد تشيكي، ولد في الأول من أبريل عام ۱۹٢٩. وله آراء نقديـة حـول تـاريخ تطـور الرواية في الغرب.
ونظرا إلى أزمة الإنسان الأوروبي والحديث عن ان الفلسفة والعلوم الغربية تناست وجود الانسان، فإنه يقول: إن وحدة أوروبا كانت مبنية على الديانة المشتركة(المسيحية ) في العصور الوسطى. وفي العصر الحديث، انسحب الدين من الساحة واعطى مكانه للثقافة التي اعتبرها الغرب بأنها تنطوي على القيم النبيلة للانسان الأوروبي. ويبدو الآن أن تغيرا آخر سيطرا في قرننا وبنفس الدرجة من الأهمية التي اكتسبها التغير، وعزل القرون الوسطى عن العصر الحديث، بالضبط مثل تلك الحقبة التي اعطى الله مكـانـه للثقافة. والآن فإن الثقافة تنسحب "الساحة ".
إن أعمال كونديرا، تتميز بنظرة فلسفية إلى العالم، وتتمتع بمكانة خاصة ، وحتى أن البعض يرى أن هذه الميزة تشكل نقطة ضعف أعماله.
وعلى أي حال فإن كونديرا ينظر إلى ما حواليه بنظرة فاحصة، ومتسائلة. انه كاتـب ينظر إلى وجهي عملة الحداثة. وتوجه اليوم أصابع الاتهام إلى كونديرا بتهمة التعاون والتجسس لحساب جهاز استخبارات بلاده، لكنه اشتهر في الغرب بسبب وفرة اعماله الأدبية. ويسلط ميلان كونديرا الضوء على الأزمة في التاريخ الغربي، لكن مجمل أسئلته واتساع نطـاق رؤيته تتوقف عند مستوى وحد ما ولا تشمل التذكير بمبادئ وأسس تاريخ النهلستية والعدمية، ولهذا السبب لا تتوفر لكونديرا وأمثاله امكانية تجاوز الغرب المتأزم، ان قلق على إتحاد أوروبا الغربية . ما هي مجموعة القيم النبيلة القادرة على توحيد أوروبا؟، التقدم التقني ، السوق أم وسائل الإعلام؟ وهل ان صحفيا كبيرا سيحل محل شاعر كبير أم السياسة؟ ، لكن أي سياسية ؟ يميني أم يساري ؟ وهل مايزال يوجد تطلع مشترك، ماوراء ثنائي اليسار واليمين، يتسم في الوقت ذاته بالحماقة ولا يمكن معالجته؟ وهل عامل الوحدة هنا هو مبدأ التسامح، مبدأ إحترام معتقدات الناس؟ لكن أن لم يكن بوسع هو
التسامح دعم الخلق الثري أو مجموعة معتقدات قوية، البيس سيكون تافها وعبثيا؟ وهل يجب اعتبار نفي الثقافة ضربا من التحرير ونستسلم بانجذاب؟ وهل يجب على الاله( الغائب) أن يملي الفضاء الخاوي ويظهر نفسه؟ لا ادري؟ لا اعرف شيئا في هذا الخصوص، اظن اني اعرف فحسب بأن الثقافة قد انسحبت من الساحة.... إن كونديرا يتحدث كانسان حائر ومضطرب استيقظ من نوم ، اتت
عليه ضجة وهزة زلزال عنيف. أن كلامه هو إنعكاس لنظرة النهالستة والعدمية الجارية في الميدان الثقافي الغربي، ويختلف اختلافا جادا مع رجال مثل ادموند هوسرول' بوصفه فيلسوفا وجوديا ومنظرا المانيا'. ويرى هوسرل
القادرة على توحيد ؛ أن أزمة الإنسان الأوروبي هي عميقـة لدرجـة انـه يبدو مستحيل أن ينجو الإنسان منها. ویری کونديرا أن الأزمـة ناتجة عن ماهية النظرة الأحاد الأوروبية في العصر الحديث، ويؤكد أنه كلما مضى الإنسان قدما في علمه ، كلما أبتعد عن كلية العالم وعن ذاته. المفهوم الذي أطلق عليه لاحقا مفكر
الماني آخر إسم «نسيان الوجود».
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha