لمى يعرب محمد ||
لم يفرق الدين الإسلامي، في الصفة الإنسانية والمكانة الاجتماعية، بين الرجل والمرأة، بل أكدت النصوص القرآنية، على تفاصيل كثيرة بالمساواة بين الطرفين، في الأحكام العبادية والأمر والنهي الإلهي، ولا يوجد تفضيل إلا في التقوى، كما ذكر هذا في أكثر الخطابات القرآنية ومنها، "إن أكرمكم عند الله اتقاكم"،"أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أوأنثى بعضكم من بعض"، إذن قراءة الإسلام لوضع المرأة قراءة واضحة منصفة لقيمتها الإنسانية، بعكس ما يدور من تزييف هدفه تشويه صورة الإسلام، بوصف إن الدين هو قضبان السجن أو السجن نفسه للمرأة، والذي تنافي نظرية العدل الإلهي للإنسان ومنظومة المعرفة الدينية.
خارطة هذا المقال يتضمن، الجدلية المستمرة في مكانة المرأة الحقيقية داخل الإطار الإسلامي، نناقشها نقاشا اجتماعيا، مستمدين مفهومنا من الشواهد القرآنية، وأسماء بعض النساء ومواقفهن، التي شهد لهن الواقع الديني والسياسي والاجتماعي في التاريخ، وما هي النتائج التي ينبغي أن تفهم بوضوح، ضمن الضوابط التي نحن نعتقد بها.
شاركت المرأة بجميع تفاصيل الحياة البشرية وعلى مدار تطورها، دخلت تعمل وتؤدي دورها بكافة اختلافات المجتمع، إن كانت زراعية أو صناعية أو علمية، وكان لها دور فعال بنظم هذه المجتمعات، وبالتالي فالمرأة حالها حال الرجل بتحمل الرسالات والمسؤوليات، برغم الاختلاف التكويني لها، وأيضا لديها الصلاحية العلمية والرشدية لذلك، التعبير عن هذا الموضوع والتلاعب الفكري وخصوصا عندما يكون المتحدث عن موضوع المرأة لا دينيا ولا عقلانيا ولا موضوعيا، خلقه الله ادميا فقط، ففطن على نفسه، فوجد لديه لسانا ينطق به ما يريد، فلا يقيم للخصوصيات والمستويات الفكرية والعقلية وزنا، و إلا دليلنا التحقيق القرآني والتاريخي مثلا للسيدة العذراء(ع)، وما وصل إلينا من تراث فكري ثري بالقيم والمعاني، فقد أعطى الله لمريم ما لم يعط لغيرها، رغم صعوبة الامتحان الذي مرت به، وأصعب المواقف التي واجهتها تلك السيدة الجليلة كامرأة وهي الطعن في العرض وحساسية الموقف آنذاك، "يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا"، لم تكن مريم شخصا عاديا يمتلك من القوة العقلية والإيمانية، ما يستهان بها و التي أوصلتها لمنزلة خاصة أجرى الله لأجلها المعاجز، قوله تعالى"فكلي واشربي وقري عينا".
كما والسيدة زينب(ع)، النموذج للكمال الرسالي الإنساني، عندما نقرأ عن شخصيتها نتيقن بأنها استطاعت، أن تُظهر للتاريخ وللعالم كلّه القدرة الروحيّة والعقلانية للمرأة، فهي العالمة والعارفة والحاضرة والشاهدة ولولاها لما حققت ثورة كربلاء أهدافها ومعطياتها، وهي القائدة لقافلة عائلتها بعد استشهاد الأئمة الأطهار(ع)، والخطيبة التي ارتجلت أمام الجماهير.
هاتان النجمتان الطاهرتان، حملن مشعل الكرامة والإباء، وقدمن ما لم يستطع الكثير من الرجال تقديمه، مثلن حالة الاتزان العقلي والقلبي لعاطفة المرأة، ورسمن بسلوكهن كيفية التحمل والصمود، دروس القوة التي أثبتن بها، إن مفهوم العظمة وحمل الرسالة السامية لا يقتصر على الرجال دون النساء، فكانتا سلام الله عليهن، شخصيتان بارزتان بمسرح الحياة، وأكدن للمرأة دور رئيسي وأساسي في عملية بناء المجتمع، نماذج متعددة من النساء ذكرهن التاريخ صنعن المستحيل، فكن بحق مثلا يحتذى به.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha