علاء الساعدي ||
مجالس أبي عبد الله الحسين عليه السلام دعوة ربانية من خالق الخلق الى اخيار خلقه، دعوة تطهير لارواحهم، نقاء لانفسهم، حيث النفس الامارة بالسوء، نفوس غير مكترثة بجراثيم الدنيا من ذنوب باشكالها، مانعة كل خير عنها، نفوس تغرق في عذاباتها، تغوص في بحرها الهائج المتلاطم.
جاء في أحاديث ائمة الهدى عليهم السلام الفضل الواسع لهذه المجالس، فقد ورد عَنِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِفُضَيْلٍ: «تَجْلِسُونَ وَتُحَدِّثُونَ؟».
قَالَ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ.
قَالَ: «إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا، فَأَحْيُوا أَمْرَنَا يَا فُضَيْلُ، فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَنَا، يَا فُضَيْلُ مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِثْلُ جَنَاحِ الذُّبَابِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ»
وعن عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الرِّضَا عليه السلام: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيَا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ».
إقامة المآتم الحسينية فيها إحياء أمرهم ذكر مصائبهم وفضائلهم وأحوالهم، ونشر أخبارهم وسيرتهم وعلومهم، وحفظ آثارهم وتراثهم الديني والعلمي، وتعريف الناس بنهجهم ومنهاجهم، فأهداف النهضة الحسينية استذكار واستحضار الفضيلة والأخلاق والعطاء والبذل والتضحية والإصلاح وغيرها من قيم وأهداف نهضته المباركة، وأسهمت هذه المجالس في نشر المحبة بين كل طوائف المجتمع من خلال الخطب الحسينية التي تدعو إلى نبذ كل ما يؤدي إلى العنف، وهذا ليس بغريب على المجالس الحسينية، فهي مجالس آل بيت النبي وتدعو إلى إتباع أخلاقهم وحكمهم ونهجهم المحمدي الأصيل الذي يرضي الله ويرضي خلقه، فهي الروح التي تبث القوة للانسان المؤمن الموالي لنهج الآل صلوات الله وسلامه عليهم، وهي العنفوان الذي تزهو به النفس في طريق الحياة والممات، وهي من مصاديق تعظيم الشعائر كما في قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
نرى اليوم المجالس تقام في كل بقاع الدنيا، حيث تكون كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء اينما حلت هذه المجالس حل الأمن والخير والسلام، فمن احياها احيا قلبه ودينه، فهذه المجالس رسخت العقيدة وابقت هذا الدين الى يومنا هذا، فشهادة الحسين عليه السلام أبقت اسس هذا الدين الى يومنا هذا، فالاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء جملة باقيه الى يوم النصر المعلوم، يوم الثأر، يوم الانتصار، يوم يرجع الدين الحق كاملا لما احدثه السفهاء والمجرمين المنحرفين عن نهج محمد وآل محمد، يوم حفيد الحسين، يوم القائم بالحق ألحجة ابن الحسن ارواحنا لمقدمه الفداء، حيث سيرجع الدين الى اصله وثباته من الذين ارادوا به تبديلا، فهيهات هيهات إن النصر لله ببقيته في ارضه {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ} فإحياء ذكر الحسين احياء للقلوب، حيث القلوب النابضه بحب الحسين، حيث النار التي لن تبرد ابدا في قلوب المؤمنين ولن تنطفئ أبدا إلا مع إمام حق مبين، ثائر بحق الله، حيث يغادر بك القلب الى ملحمة الفداء والإباء والعطاء والشهادة، حيث ترسم لك نهج الثأر مع حق قادم مأمول.
هنيئا لمن كان فيها، مواظبا عليها، سائرا على نهجها القويم، فقلبه لن يموت طالما بقلبه ثأر الحسين ومحبته والبراءة من اعدائه، وأعداء جده وأبيه، وأمه الطاهرة الزكية واخيه، فروح فيها حب الحسين ودربه ونهجه ومبادئه لن تموت ابدا.
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha