المقالات

عند الشدائد تُعرَفُ معادنُ الرجال..


كوثر العزاوي ||

 

قال عزوجل:

{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} يوسف: ١٠٥

بين عشية وضحاها يستيقظ العالَم على حدثٍ كونيّ مريع قد احتلّ مساحة العالم الافتراضي والحقيقي كأبرز حدث مؤلم يأخذ من وجدان الأمة مأخَذا ، ومع تنامي الحدث وتصاعدِ وتيرة آثاره ، أصبح تحليل هذا الحدث الكبير وقراءته من أهم القضايا وأبرزها، حتى بلغ مبلغًا آخِذًا باهتمام العلماء والباحثين في علوم الأرض والمناخ، وأساتذة في علم النفس وعلماء الدين والمحلّلين السياسيين وكلُّ يُدلي بدلوِهِ وآرائه ورؤيته، فانبرت أقلامهم تكتُب وتوضِّح وتَستَفهِم ، فمنهم من يراها ظاهرة طبيعية طالما حَدثَت وتحدُث، ومنهم يجدها رسالة ربانية تحمل من النُّذر والتحذير، وثمة من ادعى بأن هناك نشاطات بشرية قد تكون مسبّبة للزلازل لأسباب فنية كبناء المباني ذات الأوزان الثقيلة

وحفر الآبار وغيرها، كما لم يقف الأمر في تفسير ماحدث عند العلماء وأهل الاختصاص وحسب، إنما للشارع والناس ثمة رأي وتحليل، فمنهم من اعتبر الحدث مجرد ظاهرة طبيعية نتيجة التذبذب الحاصل في المناخ وتغيّرات الطقس، وآخر يؤكد أنّها علامات آخر الزمان وماهو إلّا غضب السماء لما يجري في الأرض من تحلّلٍ وانتهاكٍ للحرمات، وغيرهِ يجزم بأنه اختبار وامتحان جراء تفاقم الانحطاط الأخلاقي وتمادي طواغيت الدول في جورهم وظلمهم للعباد، فضلًا عن غفلة الناس وكثرة الفساد في الارض واتباع الشهوات وغير ذلك بلحاظ ماجاء في القرآن :

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الروم ٤١

فأنا لستُ بصدد بيان مايرجَح من الآراء، بيدَ أنّ  ماوقع من زلازل وكوارث هو ماتصدّقهُ الآيات القرآنية الصريحة بمقتضى سننِ الله سبحانه وتعالى في عباده وذلك محض إيماننا بما يجري ويقع من آيات تنسجم مع الأسباب الطبيعية أيضا، فتأتي منذِرة محذّرة بعد الإعراض عن آيات الله  وعدم أخذ العبرة والعِظة من مصائبٍ أصابت أقوام قبلهم وكثير من البشر، فعلى الإنسان أن لايتجاهل نعم الله عليه كما لايأمن مكر الله وانتقامه!!

ومن هنا سوف أكتفي بما أفاضَ الكثير من الكتّاب والعلماء بشأن ماحدث بوافر علمِهم وقراءتهم الحدث من خلال الدراسات القرآنية وعلاقتها بالسنن الكونية وماتصدّقه الآيات، وعلى كل الأحوال، فقد وقع ماوَقعَ ومالا يُتوَقَّع وبغض النظر عن أي الأسباب أرجح!، غير أنّ هناك قراءة اخرى ماوراء الحدث تتعلق بالجانب الإنساني المحض، عندما نعرف أن للشدائد والمصاعب محطات يُعرَف فيها الصديق من العدو، وتتميز إنسانية البشر ناصعة، وعند المحن والمصائب تظهر معادن الرجال، والغيرة تتجلى بالمواقف الشجاعة إلى جانب الخير ودعم الشعوب المنكوبة ولو دعمًا بالكلمة، فضلًا عن الإسناد بالمال والغذاء والدواء ومستلزمات الإغاثة والإنقاذ، والأهم من كل ذلك، أن لايتجاهل الأمر وحجم المسؤولية كَمَن في أذُنيهِ وقرًا!!. ولعل خير دافع ومذكّر هو ماجاء عن أبي عبد الله "عليه السلام" عن النبي"صلى الله عليه وآله" قال:

{من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلًا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم}!!

ترى! كم هو عدد الدول الإسلامية وعدد نسماتها التي استجابت للاستغاثة لسوريا المسلمة وشعبها المحاصَر المنكوب وهي تستنجد وتستغيث وهناك مايقارب ال٦٠ دولة مسلمة، عدا الدول ذات الغالبية من المسلمين، وكلها تعلم بما جرى ولم تحرّك ساكنًا! وقليلٌ ممن سمع فوعى فأجاب، ولايحتاج هذا القليل إلى تعريف لأنه حقًّا غنيّ عن التعريف فلطالما عُرِفت دوَلهم وشعوبهم بعظيم المواقف والحضور عند الملمّات دون النظر إلى فارقٍ في مِلّة أو شريعة أو حدٍّ جغرافيّ ولااعتناءَ بلون عرقٍ أو لسان!!  وحسبُ دافعها للعون هو ذات نهجها القويم بماجاء عن الإمام الصادق "عليه السلام":

{أن تُنَفِّسَ كُربةَ إمْرئٍ مُسلمْ أَعظَمُ أجْرًا مِنْ صَومِكَ وصَلاتِكَ وَهُوَ أفْضل مَا تَقرّبَ بهِ العِباد إلى اللهِ "عزوجل" !!

 

 

١٦-رجب الأصب١٤٤٤هج

٨-٢-٢٠٢٣م

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك