ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||
تعدد المفاهيم السياسية في عصر السياسة المُعاصر، وتكاثر منابرها وتعدد القائمين عليها والمتحدثين بإسمها، وكثرة اللغط فيها، أضحت مجرد شعارات وأقوال يرددها السياسيون والمحللون من مواقع مختلفة، غير أنها سرعان ما تختفي أصداءها وتزول وتبقى الأحداث كما هي من دون أن تجد مخرجا للواقع المُعاش ..
عشرون عاما مرت من عُمر السياسة العراقية وقاموسها الذي يزخر بمفردات ومفاهيم ساعدت على إنتشار الفساد وخراب البلاد التي أختتمت بالورقة البيضاء وأطلاق إرتفاع الدولار وطار معها عقل المواطن العراقي والدينار معا، مما أثقل الحالة المعيشية للناس بعد تدهور السوق وإرتفاع الأسعار جراء إنخفاض سعر صرف الدينار العراقي ما تسبب بإستحالة الحياة عند المواطن في مقاومة إنخفاص سعر الدينار ..
غير أن الإصلاحات التي بدأ بها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لإيقاف هذا التدهور من خلال جولة من المباحثات والإستشارات علي صعيد الشأن المالي، وهو يصف منافذ الصيرفة بالنقطة السوداء في حياة الأقتصاد العراقي، مُشخصا بذلك خللا كبيرا كان يدور حول واقع العملة العراقية منذ سنوات، وهذه المنافذ كانت تتحكم بسعر صرف الدينار من خلال التلاعب بالدولار عبر وسائل ذكية للتحكم بالسوق وإخضاعه لهمينتها الإقتصادية ، لذا كان تشخيص السوداني هذا يُشكل قاعدة مهمة لمصداقية سياسية إختلف عن ساباقتها من الاقوال التي إعتدنا على سماعها ولكن من دون جدوى، وقد رافق هذا التصريح تحديد سعر صرف الدينار مقابل الدولار مع الرقابة وتحذير وتفتيش المتلاعبين بتضارب أسعار الدينار، فالنقطة السوداء التي تم تشخيصها هنا وتحديدها إذا ما تم التصدي لها بشكل جدي ومهني سوف تحولنا أمام نقاط بيضاء في حياتنا الإقتصادية، وعندها سنمضي في واقع الإصلاح والتغيير المنشود، وستفتح أمام العراق والعراقيين أبوابا واسعة في إستقرار حياتهم الإقتصادية، فتشخيص الجانب الأسود للواقع المُعاش ومعالجاته هو السبيل الأنجع للنجاح والتقدم ..
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha