حميد الموسوي ||
قد يبدو للوهلة الأولى من الصعب اعتبار ما يعرف بـ "الخليفة" هارون العباسي خصماً ومناوئاً للإمام موسى بن جعفر عليه السلام.. هكذا يرى عامة الناس من غير الشيعة الذين مروا على التاريخ مروراً عابراً.
لكن نظرة أخرى فيها شيء من التمعن والتفحص تثبت أن هارون العباسي ذهب إلى ما هو أبعد من الخصومة مع الإمام، ويظهر ذلك بوضوح في أقوال علماء أهل السُنًة الذين تحدثوا عن سجنه للإمام الكاظم عليه السلام بعد اعتقاله مرات عدة.
وبحسب مركز الأبحاث العقائدية، فإن كلمة المؤرخين اتفقت على أن هارون العباسي قام باعتقال الامام الكاظم (عليه السلام) وإيداعه السجن لسنين طويلة مع تأكيده على سجانيه بالتشديد والتضييق عليه.
أبو الفرج الأصفهاني
ويذكر المركز على موقعه الرسمي، في معرض رده على أحد الأسئلة الواردة في هذا الصدر، أن أبو الفرج الإصفهاني قال في (مقاتله: 502): لما أعتقل الرشيد الامام الكاظم (عليه السلام) أمر بإرساله إلى البصرة ليسجن عند عيسى بن جعفر المنصور، وكان على البصرة حينئذٍ، فحبس عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني وسلمه إلى من شئت، وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك، حتى أني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو علي أو عليك، فما أسمعه يدعو إلا لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.
في البداية والنهاية
أما ابن كثير فيقول في كتابه البداية والنهاية: حتى كانت خلافة الرشيد فحج، فلما دخل ليسلم على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر الكاظم، فقال الخليفة السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم. فقال موسى: السلام عليك يا أبت. فقال الرشيد: هذا هو الفخر يا أبا الحسين. ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه فاطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها: أما بعد يا أمير المؤمنين أنه لم ينقض عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك يوم من الرضاء، حتى يغضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون. (البداية والنهاية: 7: 174ـ 175).
في حين ذكر موسى بن إبراهيم المروزي، من أعلام القرن الثالث الهجري، في كتابه (مسند الإمام موسى بن جعفر) (مجلة تراثنا: 44: 206). وهو مجموعة من الروايات المسندة المرفوعة إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، التي أسندها الامام الكاظم (عليه السلام) بطريق آبائه (عليه السلام) رواها عنه موسى بن إبراهيم أبو عمران المروزي البغدادي قال: أنه سمعها من الإمام (عليه السلام) عندما كان الإمام في سجن هارون العباسي (انظر كشف الظنون عمود 1682، الفهرست للطوسي: 191).
في الصواعق المحرقة
فيما تناول ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة قصة سجنه (عليه السلام) بالقول: ولما حج الرشيد سعى به إليه، وقيل له: ان الأموال تحمل إليه من كل جانب حتى اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار، فقبض عليه وأنفذه لأميره بالبصرة عيسى بن جعفر بن منصور محبسه سنة، ثم كتب له الرشيد في دمه فاستعفى وأخبر انه لم يدع على الرشيد، وأنه إن لم يرسل بتسليمه وإلا خلى سبيله، فبلغ الرشيد كتابه، فكتب للسدي بن شاهك بتسليمه وأمره فيه بأمر، فجعل له سما في طعامه، وقيل في رطب فتوعك ومات بعد ثلاثة أيام.. (الصواعق المحرقة: 308).
المسعودي والحافظ الذهبي
أما المسعودي فذكر أن الرشيد رأى علياً في النوم معه حربة وهو يقول: إن لم تحل عن الكاظم وإلا نحرتك بهذه فاستيقظ فزعا وأرسل في الحال والى شرطته إليه بإطلاقه (المصدر السابق).
يورد الحافظ الذهبي في أعلام النبلاء أنه: قال الخطيب: أقدمه المهدي بغداد، وردَّه، ثم قدمها، وأقام ببغداد في أيام الرشيد، قدم في صحبته الرشيد، سنة تسع وسبعين ومائة، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه.(سير أعلام النبلاء :463:5 ).
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha