المقالات

عندما يتكلم الجسر ينهض الزحف الكاظمي..!

1258 2023-02-16

أمل هاني الياسري ||

 

قيل قديماً عن السعادة، هي أن تكون مع الفطرة تراها وتخاطبها، فكيف إذا كانت فطرة الله، التي فطرنا عليها بحبنا لآل محمد (عليهم السلام)، وهم الحبل المتصل بين الأرض والسماء، أما جسر الرصافة فله فطرة عجيبة، فمع حلول ذكرى إستشهاد الإمام موسى الكاظم، المعذب في قعر السجون وظلم المطامير، فإننا نراها وتخاطبنا، فتجعلنا نسترخص دماءنا فداءً للجسد المسجى، نعم إنها فطرة الجسر، يئن المأً ووجعاً مع أصوات الليل الشهيدة، التي غرقت بحب الكاظمين عليهما السلام.

مَنْ حضر ملحمة جسر الأئمة عام 2005، يلاحظ وجود أناس، يصلون صلاتهم الخاصة في الماء، وأخرون يودعون ثم يولدون، ثم يتدافعون ثم يقّبلون ماء دجلة ليتؤضوا، وليأخذ كل واحد منهم فطرته، كجواز سفر نحو بيت الطهر والقداسة، فيكتبون أسماءهم في سجل الموالين، والعجيب أنهم رغم رضوض الحديد، التي تركت آثارها على أجسادهم، إلا أنهم فرحين مستبشرين ببيعهم الذي بايعوه، وكأن جسر الأئمة منح لهؤلاء الشهداء، أسماء أكثر دقة ومجداً من مسمياتهم، وذلك هو الفضل العظيم.

مواكب عزاء لشهداء الجسر، الصامتون الخالدون إكتسبوا هيبتهم، من هيبة إمامهم المرضوض بحلق القيود، فنفض الجسر حديده، ليقص حكايته المؤلمة قائلاً: بعض العظام تبكيك ليس وجعاً، بل لانها تلمس شيئاً إستوطن روحك الحديدية، الثائرة بوجه الإرهاب والطغيان، لتسجل تقاطيع الموت أشلاءها المقدسة، في رحلة النهر والجسر، فحملا بقايا الأحباب، وعباءات النساء، ولعب الأطفال، وحقائب الشباب، فوجد الجسر نفسه في قلب الحدث، طوبى لك وأنت مَنْ طرحوا عليك، جنازة أسد بغداد موسى بن جفعر (عليه السلام).

جسر للأئمة يغازل القباب الذهبية، ونهر لقصة خالدة ليس لها تتمة، سوى أن تلتقي فطرتها الكاظمية بعثمان الأعظمية، لتوصل آذاناً يهتف للوحدة ونبذ الطائفية، نعم إنه الجسر، وجد نفسه ملزماً بالإجابة عن أسئلة النهر، الذي سلك إبداعاً ما بعده إبداع، لقد إلتهم صغاره حباً بهم، وشغفاً بفطرتهم، وعشقاً للقاء الخالق، في رحلة عطاء بلا حدود، وذكرى لن تمحى من الوجود، لكني في النهاية أحضرت طشت أحزاني، ليمتزج ماؤه بعطر الراحلين مع النهر في واقعة الجسر.

الزحف المليوني السنوي في الخامس والعشرين من شهر رجب الأصب، يعد تظاهرة حاشدة بوجه الطغيان العباسي، الذي أراد بحقده وغطرسته، هدم الإسلام الحقيقي، ومحو مكانة أهل البيت (عليهم السلام)، لكن هذه الجموع وبعناوينها المؤتلفة، شحذت حبها وعشقها لراهب آل محمد، الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)؛ لإحياء ذكرى استشهاده الأليم، وليجددوا احزانهم بثورة لا تنتهي، نعم إنه سيل بشري ثوري، نحو قباب الكاظمية المقدسة، حتى قيام الحجة المنتظر الطالب بذحول أبناء الأنبياء.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك