الشيخ محمد الربيعي ||
في هذا الجوّ الكاظميّ، كان الإمام(ع) القريبَ إلى الله، وكلّنا نعرف أنّه باب الحوائج إلى الله، وأنّ الكثيرين من الذين توسّلوا إلى الله به في قضاء حوائجهم، استجاب الله دعاءهم، لأنّه عَبَدَ الله تعالى كما يجب أن يعبد، وأطاعه حقّ طاعته، وأحبّ الله كأفضل ما يكون الحبّ بين العبد وربّه. وقد أعطى حياته كلّها لله حتى أدخل إلى السجن وعاش فيه أربع سنوات، وكانت من أقسى الفترات عليه، وكان (هارون الرشيد) يخافه وهو في السجن، ولذلك ينقل أنّ (السنديّ بن شاهك) جمع سبعين أو ثمانين من وجوه بغداد وشخصياتهم ليزوروا الإمام(ع)، وكانوا في شوقٍ لزيارته، قال لهم: انظروا إلى موسى بن جعفر، فهو موسّع عليه، وهو صحيح الجسد، لم يُضرّب ولم يُجلَد ولم يتعرّض لأذى، وكان يخطّط لأخذ البراءة من خلال شهادة هؤلاء أنّ الإمام(ع) سليم معافى، وأنه لم يضطهد جسدياً ولم يقتل، بل إنّ السندي قال لهم إن الرشيد ينتظر الفرصة كيما يحاوره ويناظره، وكأنّ الاعتقال هو اعتقال ثقافي، ولكنّ الإمام(ع) لم يترك له هذه الفرصة، فقال لهم ما معناه: أمّا ما ذكر من التوسعة عليّ فهو صحيح، ولكنّي صحيح الظاهر سقيم الباطن، فقد سقيت السمّ تسع مرّات. ويقال إنّ السندي اصفرّ وجهه واهتزّ. وكان الإمام(ع) يكتب إلى الرشيد وهو في الحبس قائلاً: "إنّه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرّخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يومٍ ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون".
وهكذا فقد كان الإمام موسى بن جعفر(ع) الأسير الشّهيد.
فليتعلم العالم معنى الحرية من موسى بن جعفر ( ع )
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق وشعبه
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha